مساهمات القراء

لنعطهم فرصة ؟؟ ... بقلم: رائد الصفدي

مساهمات القراء

12.10.2025 | 09:38

خلال النصف الأول من هذا العام ,2025 كانت مقولة (لنعطهم فرصة( صحيحة.. وبشكل عام كان معظم النقد خلال تلك الشهور نقداً بناءً بهدف التصويب والمشاركة في النقاش العام المفتوح حول القضايا السورية الأساسية .

 إذا كان الجميع متفقاً على أن الشعار الرئيسي للثورة السورية كان )الحرية و الكرامة( أي الديمقراطية والقانون، فإن أهم إشارات الانحراف عن هذا الشعار قد بدأت بإجراء ما سمته السلطة الجديدة حواراً وطنياً ) الحوار الوطني (والذي لم يكن أكثر من حدث إعلامي استعراضي ولم يكن أبدا يرتقي إلى مستوى تحديات المرحلة الانتقالية.

وثاني تلك الإشارات هو الإعلان الدستوري الذي جاء مخيباً للآمال ومكرساً للسلطات بيد منصب الرئيس ولم يحترم مبدأ فصل السلطات، ولا أهمية الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية، إضافة إلى احتوائه على مواد جدلية ستكون في حال تطبيقه مثل ألغام تعيق بشكل جدي الوصول الى السلام الاجتماعي المنشود، لقد كان بالنسبة للكثيرين إعلان عن التوجه إلى ديكتاتورية جديدة.

وثالث تلك الإشارات كان تشكيل الحكومة الانتقالية (الشاملة الجامعة) التي وعدنا بها على مدى الشهور التي سبقت، وقد كانت بدورها سبباً إضافيا ً لخيبة الأمل فقد جاءت التشكيلة متمحورة حول هيئة تحرير الشام، في توجه بات واضحا لتكريس سلطة هذه الهيئة، مع تسمية وزراء من خارج الهيئة كإجراء تجميلي شكلي.

ورابع تلك الإشارات كانت استمرار التعيينات في الوظائف الهامة في مؤسسات الدولة والتي ذهبت بمجملها إلى هيئة تحرير الشام وحلفائها، ونتج عنها تحويل الدولة إلى دولة مشايخ وغياب الشفافية وظهور ممارسات نافرة ومنفّرة عمّقت الشرخ الاجتماعي وحولته شيئاً فشيئاً الى حالة تصادمية. ومن أكثر الأمثلة وضوحاً بهذا الشأن هو الفشل الذريع بإعادة تشكيل وزارتي الدفاع والداخلية.

وخامس هذه الإشارات هو الميل لدى السلطة الجديدة إلى اكتساب الشرعية الخارجية على حساب الشرعية الداخلية، ففي حين كان المجتمع الدولي والعربي يدعم هذه السلطة الجديدة لحسابات تخص مصالحه – مثل إيقاف تدفق اللاجئين وإيقاف تصنيع وتجارة الكبتاغون والتوجه إلى توسيع اتفاقيات السلام في المنطقة – كانت السلطة تروّج لهذا الدعم على أنه إنجازات خارقة قامت بها مع المجتمع الدولي بما لها من حكمة وعبقرية سياسية، وترافق ذلك مع إهمال خطير للشرعية الداخلية ومسارات التحول السياسي الضرورية.

بالنتيجة، وعلى مدى الشهور السبع المنقضية وصلنا إلى مرحلة انعدام الثقة بهذه السلطة من قبل شريحة واسعة من السوريين وقد تمثل ذلك بما كنا نخافه من تكريس للطائفية والانقسام وإلى مزيد من الابتعاد عن المسار الآمن للتحول الى الديمقراطية، حتى أننا بتنا اليوم نقف على مشارف حرب أهلية طائفية ومخاطر جدية للتقسيم وضياع البلد.

إن ما يجعل السكوت اليوم غير ممكن هو أن هذه السلطة لم تظهر أية إشارات للمراجعة والفهم وتصحيح الأخطاء الكارثية.

 

 رائد الصفدي

----------------------------------------------------------------

*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع

*ارسل مساهمتك على الايميل [email protected]