يحدث أن يندرج تصنيف شخصيتك من قبل الآخرين بـ"النرجسية"، أو قد تصادف في حياتك وفي مختلف نواحيها، أشخاصاً "نرجسيين"، يصعب عليك تقبل طباعهم، وتقع في حيرة حول الطريقة الأفضل للتعامل معهم، بما لا يجرح مشاعرهم ولا يحملك فوق طاقتك كذلك..
هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) نشرت بحثاً تضمن معلومات قد تفاجئ البعض عن حقيقة "النرجسيين" وطرق التعامل معهم.
وذكرت المقالة، إن بعض نتائج الدراسات، التي أُجريت حديثاً في هذا المضمار، تشير في واقع الأمر، إلى أن رد الفعل الأكثر ملائمة من جانبنا حيال النرجسيين هو الرثاء لهم على الأرجح، أو قد يكون إبداء العطف عليهم.
في البداية، لنضع في الحسبان هذه النتيجة المُثبتة، التي تشير إلى أن الكثير من النرجسيين، يعانون بحق من تدنٍ مزمن في مستوى احترامهم لأنفسهم وثقتهم فيها، وهو أمر يتوارى خلف غطرستهم ونرجسيتهم.
وبحسب الدراسات، فإن "النرجسيين" يسارعون للغاية في الربط بين مفردات تعبر عن ذواتهم مثل "أنا" و"يخصني" و"نفسي"، وبين كلمات ذات سمت حزين مثل "الألم" و"العذاب" و"الموت"، كما أنه من يثبت أن لديه مستوياتٍ عالية من الشعور بالنرجسية، يميل إلى أن يَخْبُرَ مواقف مفعمة بالتوتر بشكل أكبر خلال حياته، مثل الإصابة بالمرض، أو السقوط ضحيةً لحوادث، أو انهيار علاقاته العاطفية.
وبناءً على ذلك؛ خلص باحثون في جامعة برن إلى أن "النرجسية هي عدم قدرة المرء على التكيف مع البيئة المحيطة، لأن النرجسيين يُسببون أحداثاً مزعجة لهم في حياتهم".
وقال الباحثون إن هذا "العجز الداخلي في الاتصال بالمنطقة ذات الصلة بمشاعر مكافأة الذات"، ربما يجعل من الصعب على النرجسيين التفكير بإيجابية في ذواتهم، وقد يفسر ذلك السبب الذي يحدو بهم لأن يسعوا دوماً باستماتة لنيل الاهتمام، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
واعتبرت الدراسات، أن كون النرجسيون يتسمون بالهشاشة الداخلية، ليس السبب الوحيد الذي يجعلنا نشعر بالأسف لأجلهم. فثمة نتائج بحثية أخرى تشير إلى أن انتهاجهم للسلوكيات النرجسية التي اعتادوها يجعل حياتهم مفعمة بالتوتر، حيث تشير النتائج إلى أن النرجسيين مفرطو الحساسية حيال النقد أو الإهانة، وهو أمر قد يثير الدهشة.
ولفت البحث إلى أنه في الوقت الذي نضع فيه هشاشة هؤلاء الأشخاص في الحسبان؛ يجدر بنا تذكر أن لديهم ما يمكن تسميته "خصالاً تعويضية". ففي بعض المواقف، بوسعهم أن يكونوا متماسكين على نحو غير معتاد في مواجهة الانتكاسات.
وبموجب الاستخلاصات ونتائج الدراسات مجتمعة، يتضح أن هناك سبباً وجيهاً يدعو المرء لمحاولة التعامل مع الأشخاص النرجسيين الموجودين حوله بمزيدٍ من الصبر، وعلى نحو ودود أكثر؛ إذا كان ذلك بمقدوره.
كما أن هناك ما يبرهن على وجود إمكانية لحث النرجسيين على إبداء قدرٍ أكبر من التعاطف مع من حولهم، وذلك بقليل من التشجيع؛ كأن يُطلب منهم النظر إلى الأمور من الزاوية التي يراها منها الآخرون.
فإذا لم يُعوِّض هؤلاء النرجسيون أنفسَهم – وبشكل مبالغٍ فيه – عن شكوكهم عميقة الجذور في قدراتهم، عبر الإقدام على تصرفات ربما يبدون خلالها شديدي الاعتداد بأنفسهم وكذلك من خلال سعيهم لسرقة الأضواء والتحول إلى محور الاهتمام، تزيد الاحتمالات - على المدى البعيد - بألا يُبلوا بلاءً حسناً في الحياة؛ خاصة إذا ما تحولت مجرياتها لتمضي في اتجاه مُعاكسٍ لهم.
يذكر ان النرجسية تعني حب النفس، وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين. وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن نرسيوس كان آية في الجمال قد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء.
سيريانيوز
