قناة اليوتيوب

هل يستخدم بوتين المسيحية السياسية في سوريا؟

15.05.2022 | 14:12

وجه البطريرك يوحنا العاشر يازجي - بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس خلال اعمال مؤتمر عقد في دمشق التحية والشكر الى الرئيس بشار الأسد وفي هذا مشكلة..

عندما يتوجه راعي اكبر طائفة مسيحية في سوريا بالشكر الى مسؤول يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية، وهو المسؤول المباشر عن تدمير سوريا وتفتيتها وتشريد أهلها ومقتل مئات الالاف من أبنائها.. هذا يشكل مشكلة حقيقية..
لماذا فعل غبطة البطريرك هذا؟

 

على عكس ما يعتقد البعض فإن الكنيسة كان لها دور كبير في السياسة عبر التاريخ، وانشقاقات الكنيسة وان كان لها أسباب تتعلق بالعقيدة والتفسير ولكن أيضا لعبت الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورا كبيرا في حدوث هذه الانشقاقات..

باختصار ينقسم العالم اليوم الى ثلاثة طوائف مسيحية كبيرة.. الكاثوليكية وهي الأكبر، البروتستانت وهي في مجموع مذاهبها ثاني اكبر طائفة وأخيرا الارثودوكس..

اول انشقاق للكنيسة كان بين الشرق والغرب في القرن الحادي عشر والشرق الاغريقي والغرب اللاتيني الأول هو يمثل الارثودوكس والثاني يمثل الكاثوليك ومن ثم ظهرت حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر وظهرت البروتستانتينية في القرن السادس عشر. 

اكبر منطقة لانتشار الكاثوليكية في اوربا وأميركا اللاتينية، في اوربا اسبانيا بشكل أساسي وفرنسا وإيطاليا، في اميركا اللاتينية الارجنتين البرازيل وفنزويلا .. 

اما البروتستانت تشكل الولايات المتحدة اكبر تجمع للبروتستانت في العالم وأيضا بريطانيا وألمانيا فيها الغالبية العظمى بروتستانت وكذلك دول البلطيق فلندا والسويد.. وبالنسبة للارثودوكس فان اكبر عدد منهم هو في روسيا ويشكل تقريبا  40% من عدد الارثودوكس في العالم..
يصادف ان من نشر الارثودوكسية في روسيا هو فلاديمير الأول في القرن العاشر، كان امير كييف عاصمة اوكرانيا الحالية.. 

ويجب ان نذكر هنا بأن الدولة في العصور القديمة والوسطى كانت دولة دينية في معظم دول العالم المسيحي، ولم تأخذ الدولة شكلها الحديث الا بعد الثورة الفرنسية بعقود طويلة ويمكن القول بأن مفهوم الدولة الحديثة لم يَسُد الا في نهايات القرن التاسع عشر.. 

وطالما كان للسلطة الكنسية ارتباط وثيق بالسلطة الحاكمة، إما تسيطر عليها ويتم الحكم من خلالها او تستخدم هذه السلطة أداة لتوطيد سلطة الحاكم..

في روسيا كان الاباطرة لهم سلطة ثنائية فكانوا هم رأس الكنيسة وهم من يعينون البطاركة ويحددون الحدود الإقليمية لولاياتها.. 

في سوريا العدد الأكبر من المسيحيين يتبعون للكنيسة الارثودوكسية.. ولبطريركية انطاكية التي يرأسها غبطة البطريرك يوحنا العاشر صاحب كلمة الشكر للرئيس الأسد.. والحقيقة وإن كانت تبدو ككنيسة مستقلة فإنها ارتبطت خلال السنوات الماضية كثيرا بالكنيسة الارثودوكسية الروسية.

السؤال هنا هل يستطيع بوتين استخدام الكنيسة الارثوذوكسية في حربه التي شنها على أوكرانيا.. وفي الصراع الذي يخوضوه في سوريا؟.. 

الحقيقة بان بوتين خلال العشر سنوات الماضية قام بعدة نشاطات منها مؤتمرات واجتماعات حضر بعضا منها شخصيا بشكل غير معلن لتعزيز دور الكنيسة الارثودوكسية في سوريا.. وهذا أثار استياء أبناء الطوائف المسيحية الأخرى بالمناسبة.. 

والجواب نعم.. وهذا التوجه لبوتين سيظهر للعلن اكثر واكثر.. فيجب علينا الا نمرر المادة التي نشرت يوم امس في "روسيا اليوم" والتي هاجمت البابا والكنيسة الكاثوليكية بشكل غير مسبوق بدون ان نتوقف عندها.. 

نشرت "روسيا اليوم" المقال تحت باب الرأي وهاجمت بشدة القيم الغربية.. 

ومن ثم حمل كاتب المقال على الكنيسة الكاثوليكية واتهمها بانها تحولت الى منظمة سياسية.. ووصف البابا بانه اصبح عنصرا في آلة دعاية تحاول ان تفرض المعايير الغربية في العالم..

وخص بالذكر استقباله لما وصفهم بزوجات النازيين وعضو في فرقة اباحية.. الخ..

لا نعرف اذا كانت اتهامات بوتين للبابوية صحيحة بأنها تحولت الى أداة سياسية.. ولكن في حال كان هذا صحيحا فإن بوتين اليوم يقوم باستخدام ذات الأداة في حربه ضد الغرب.. يعيد إحياء الصراع الديني خدمة للسياسة.. يعيد المسيحية السياسية الى الواجهة..


TAG: