دائما ما يكون محور حديثنا اليومي الشريحة الواسعة من السوريين وكيف تبدلت حياتهم كيف اصبحوا لاجئنين او نازحين فقراء او معوزين.. راغبين في الهجرة والهروب الى اي مكان لينعموا بالدفء والكهرباء..
هؤلاء "معارضين ومؤيدين" يدفعون باتجاه الوصول الى اي مخرج، فهم تحت حكم سلطات امر واقع ليس لها مستقبل، ولا يمكن ان نخطو خطوة الى الامام بدون احداث التغيير.. من هو خارج سوريا يجاهر بهذا الموضوع وتختلف القناعات حول طريقة احداث هذا التغيير وتختلف المسارات.
ومن في الداخل ليس لديه الا الكلام في الغرف المغلقة والتلميح والسخرية على صفحات التواصل الاجتماعي..
ولكن هذه الشرائح وهي تمثل الاغلبية الساحقة تتطمح الى التغيير.. تطمح الى الخلاص وتدفع بكل ما لديها من قوة بهذا الاتجاه.. تدفع بحسب قدرتها وموقعها.. وحقيقة ليس في يدها الكثير..
من يقاوم التغيير اذا؟
يمكن ان نقول القوى الخارجية المستفيدة.. وذكرنا هذا اكثر من مرة يروق لها الوضع على ما هو عليه.. حاكم ضعيف بدون سلطات حقيقية يمكن ان تحصل منه على كل شيء لقاء ان يبقى في الكرسي..
ولكن هذا لا يكفي يجب ان يكون هناك شريك محلي من الداخل شريك في المصلحة مصلحة القوى ذات النفوذ تدفع من الداخل في الاتجاه المعاكس.
طالما ارتبط النظام بشبكات مصالح، وتعتمد على مبدأ بسيط اعطاء السيادة الى من لا يستحقها وتوفير الدعم له بالترهيب والقوة لكي يتسيد قطاع او منطقة، تفتح له الابواب وتمهد له الطرق وتبنى له القصور نحو الجاه والسلطة.. بشرط واحد..
كل ما يتحصل عليه وما يملكه يكون تحت تصرف الاسرة الحاكمة..
فيستولي على السوق الحيتان، وعلى النفوذ الاتباع المطيعين الذين ينفذون الاوامر مهما كانت ومهما تعارضت مع القيم الانسانية والاخلاق والاتفاقات.. يتحولون الى اداة بكل معنى الكلمة في مقابل استخواذهم على السلطة..
هذه الشرائح قلة بالنسبة لتعداد السوريين ولكن يمتلكون كل شيء.. كان هذا في الماضي قبل 2011 اما اليوم اصبحوا اكثر ثراءا ونفوذا.
لان بين الانسان العادي المسحوق وبين هذه الطبقة لا بد من وجود طبقة وسيطة تمتلك من عناصر القوة الذاتية بفعل الوراثة، القدرات، العمل الجاد والاجتهاد، التميز.. تصل الى مرحلة الكفاية وتصبح قادرة على الادخار وتحظى بفرصة بناء العلاقات.. ولكنها تبقى تحت اللحظ والمراقبة لا يسمح لها بان تكبر اكثر مما يجب وان حدث هذا فيجب احتوائها وتتبيعها الى الشبكات المنظمة المرتبطة بالعائلة المالكة..
هذه الشريحة في السنوات الاخيرة اما فقدت عناصر قوتها الذاتية من اموال او فرص للتميز وهاجرت ومنها من لا يمتلك البناء النفسي القادر على ان يكون تابعا خالصا، اداة ينفذ ما يؤمر به.. ومنهم من بات يخضع للابتزاز تحت مسميات مختلفة للاستحواذ على اكبر قدر ممكن من مدخراته ووضع اليد على املاكه..
حجم اعمال هذه الشريحة انتقل بشكل كامل الى الحيتان والمسؤولين بطرق مختلفة إما من خلال السيطرة على الاسواق لصالح هؤلاء الحيتان او بالسطو على الاموال والاملاك من قبل اصحاب النفوذ.. بالنتيجة هذه الطبقة الوسيطة التي تمتلك عناصر النجاج الذاتية تتقلص ويذهب ما كانت تتحصل عليه الى شبكات المصالح المرتبطة بالنظام.
وبالتالي ازداد افراد هذه الشبكات ثراءا ونفوذا وقوة خاصة مع الفوضى وغياب القانون.. وهؤلاء هم شركاء القوى الخارجية للوقوف في وجه اي تغيير..
ستفاجؤون بأن هؤلاء ما زالوا يعيشون في سوريا عيشة الف ليلة وليلة طعام حتى التخمة، خدمات، حفلات، كل شيء متوفر وفائض عن الحاجة بذخ لا يمكن ان نستوعب بانه موجود في مثل المجتمع السوري اليوم الذي يعاني الامرين..
نشاهد في هذا المقطع حفل صاخب في خان اسعد باشا شباب ومراهقين.. انوار بالطبع.. الخ
وبالطبع بين هؤلاء استثناءات، عائلات تعيش على وارد اعمال لاقارب في الخارج، اصحاب مهن تتحصل على دخل كبير، لا شك تتقاطع مصالحهم مع مصالح شبكات النظام ولكنهم ليسوا شركاء بالمعنى الحرفي، وفي كل الاحوال بشكل غير واعي ايضا هؤلاء يقاومون التغيير..
اما الغالبية فهم ابناء هذه الظروف ويتغذون على مجريات الصراع وتضاد القوى وعلى تنفيذ مهام الارتزاق القذرة التي تصب في مصلحة طرف هنا وطرف هناك في مقابل خزن الاموال وتعاظم النفوذ والقفز فوق القوانين..
ولكن ربما نقول بأن من نشاهدهم من الراقصين والدابكين في الساحات والسائرين في دروب النظام كثر بالملايين، شاهدنا هذا في الانتخابات في حشود التأييد لروسيا..
هؤلاء مجبرون مغلوب على امرهم، يساقون في مقابل لقمة العيش ولا يملكون ان يختاروا..
هؤلاء رقابهم في يد اصحاب المال والسلطة الحقيقين المرتبطين بالعائلة الحاكمة التي بنت هذا النظام.. وهذا النظام مبني لتبقى هذه العائلة وتستفيد من كل الظروف هي ومن يعلق بها من ادوات لازمة لتنفيذ عملية الاعدام الجماعية التي نشهدها اليوم..