اقالة حاكم المركزي، مراسيم وقرارات.. هل تنعكس ايجابيا على الواقع؟

توالت جملة من الاجراءات في الايام الماضية محاولة لامتصاص الغضب والاحتقان في الشارع السوري جراء تردي الاوضاع المعيشية ووقوع معظم السوريين في خانة الفقر والعجز.

توالت جملة من الاجراءات في الايام الماضية محاولة لامتصاص الغضب والاحتقان في الشارع السوري جراء تردي الاوضاع المعيشية ووقوع معظم السوريين في خانة الفقر والعجز.

قانون جديد لحماية المستهلك، نظريا يمكن ان يكون بعض ما فيه مفيد ومنطقي من ناحية رفع الغرامات المالية، لان فرض غرامة مالية مثلا 25000 ليرة سورية في العام 2010 كانت تساوي 500 دولار اليوم اصبحت تساوي 8 دولار هي عقوبة غير رادعة وهذا التعديل منطقي..


شاهد التقرير على اليوتيوب .. اضغط هنا


ولكن فيه الكثير من العقوبات غير المنطقية وغير الواقعية تجعل واقع العمل التجاري اشبه بالثكنة العسكرية، اجبار وسجن..

في كل الاحوال.. تكلمنا كثيرا عن هذا الموضوع وانه مع الاسف المشكلة ليست في القوانين عموما، ولكن في عدم امتلاك القدرة والنظم والهياكل والكوادر على تنفيذها.. وهي ستتحول مع الاسف الى اداة بيد بعض الموظفين لابتزاز التجار اكثر ورفع قيمة الرشاوي.. هذا ما سيحدث على الاغلب..

القرار الوحيد الايجابي هو موضوع صرف الحوالات الواردة من الخارج بسعر قريب من سعر السوق، كنت قد طالبت بهذا في وقت سابق كاجراء يمكن ان يخفف من اثار الازمة ولكن بالطبع لا يشكل حلا جذريا لقضية تدهور الوضع المعيشي.. لايمكن لمجتمع كامل ان يقوم على المساعدات..

وكان القرار اللافت هو اقالة حاكم مصرف سوريا المركزي، وتوجيه اتهامات له بالفساد وسوء الادارة.. ما يعني"تحميله" اسباب التدهور الكبير في سعر الصرف بشكل كامل..

والسوريين يعلمون بان مثل هذه المناصب الحساسة لا يمتلك صاحبها صلاحيات كاملة وان عمله يكون بالتوجيه، وفي مثل ظروف سوريا يكون بالتوجيه والمتابعة اليومية.. ومن المؤكد ان حاكم المصرف لا يتحمل مسؤولية الاوضاع المتردية وانما كالعادة قدم كبش فداء لتبقى صفحة الحاكم بيضاء..

ترافق كل هذا مع توجيهات واضحة بضبط اداء وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية، التي تراجعت عن رصد الواقع الحقيقي كما كانت تفعل في الاشهر الماضية بشفافية ملفتة، وتوجهت لتظهر نجاعة القرارات وجدواها ( شاهد ).. وهذه طبيعة الامور في سوريا عندما يأتي التوجيه يحدد مسار الاعلام كله وتمتلك الجهات الامينة والوصائية القدرة لـ "تظهر" الامور في غير حقيقتها..

ولكن من خلال متابعة الواقع والتواصل مع العديد من الاهالي يمكن التأكيد بانه لا تغيير يذكر طرأ على معيشة السوريين جراء اتخاذ هذه الاجراءات والمراسيم، ربما من المبكر الحكم، ولكن ليس من المتوقع ان تفضي لاي نتيجة ايجابية في المدى المتوسط والطويل.. لان الامر كما ذكرنا اكثر من مرة، ليس بتشديد في العقوبات، ولا هو سوء في الادارة حتى، كل هذا لا يمكن ان يوصل البلاد الى ما هي عليه اليوم.. فالمشكلة جذرية ووجودية تهدد البلد بالفناء والمواطن بان يصل الى حالة العوز والفقر ولا يخرج منها ابدا..

الموضوع موضوع اقتصاد ومن يراجع الاحصاءات الرسمية ذاتها سيجد كيف تراجع الناتج الاجمالي المحلي الى اقل من 20% لما كان عليه في العام 2008 وكذلك الصادرات والميزان التجاري.. ( شاهد )

هنا تكمن الحقائق وهنا (في مؤشرات الاقتصاد) يجب ان يتم العمل سياسيا اولا واقتصاديا تاليا، لايجاد الحلول المجدية والفعالة، فطالما ان هذه المؤشرات تتراجع يوما بعد يوم.. لن يكون هناك اي حل حقيقي للمشكلة السورية..

نضال معلوف
لمتابعة قناة اليوتويب .. اضغط هنا


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close