من هو "الطبيب العبقري" الذي اكد بان الصحة الجسدية ترتبط بالأمراض النفسية قبل اكثر من الف عام .. ؟

في الطب كما في كل المجالات كان هناك للشرق اسهامات كبيرة  في تطور العلوم في الغرب ، اسهامات انجزت منذ مئات السنين ، واستمرت كأسس للعلوم بفروعها المتعددة قرون طويلة ...

في الطب كما في كل المجالات كان هناك للشرق اسهامات كبيرة  في تطور العلوم في الغرب ، اسهامات انجزت منذ مئات السنين ، واستمرت كأسس للعلوم بفروعها المتعددة قرون طويلة ، ومنها الطب الذي برع فيه علماء من الشرق كانوا السباقين في الوصول لاكتشافات ما زالت تستخدم الى يومنا هذا.

فاستخدام الخيوط الطبية الجراحية  في أي عمل جراحي يعتبر من المسلمات في يومنا هذا، و مازالت الجهود لإيجاد البديل الافضل كاستبدال الخيوط الجراحية بنوع من اللاصق عملية جارية لم تثبت نجاعتها بعد  ..فلا عجب إذاً من وصف مبتكر هذه الخيوط التي استخدمت لأكثر من الف سنة ماضية بالـ  "الطبيب العبقري ".

محمد بن يحيى بن زكريا  الرازي عالم وفيلسوف فارسي ولد عام ٨٦٥ م في مدينة الري بالقرب من طهران ،وتنقل بين الري وبغداد حيث مارس الطب وأشرف على أكبر المشافي في تلك الحقبة.

ينسب له فضل ابتكار الخيوط الجراحية الطبية من أمعاء الحيوانات ، ويعد الطبيب الأول الذي فصل الأعضاء التشريحية لجسم الإنسان وجمعها في كتاب واحد "الأدوية المفردة" .

الرازي بالإضافة الى اهتمامه بالطب كان مطلع على الكثير من العلوم الاخرى، ومتعمق بالفلسفة ،وتبنى أفكار سقراط في منهج حياته.

ويؤمن الرازي  بأن الطبيب لا يمكن أن يتقدم في الأبحاث الطبية ، إذا لم يدرس كتب الأوائل لذلك جمع في أشهر كتبه "الحاوي في الطب"،  جميع العلوم الطبية من أيام الإغريق حتى عام ٩٢٥م وأضاف إليه تجاربه وملاحظاته ، واستمر كتابه كمرجع رئيسي في الطب في أوروبا لمدة  ٤٠٠عام .

وكان الرازي يعتقد بأن الصحة الجسدية للإنسان مرتبطة بالصحة النفسية،  ومن هنا و خلال إدارته لمشفى مدينة "الري" ألف كتابين خصص الأول للصحة الجسدية بعنوان "المنصوري في الطب" (نسبة لحاكم الري منصور بن إسحق) والثاني كان "متمما له"، ويختص بالصحة النفسية "الطب الروحاني".

راهن الرازي على أهمية الملاحظة والممارسة في تطور الطب ، لذلك أوصى الاطباء أن يمارسوا الطب في الأماكن المزدحمة بالسكان حيث يكثر المرضى و يتعرف الأطباء على كافة أنواع الأمراض.

ويشتهر الرازي بالذكاء الحاد والأفكار الخلاقة ، ومن المتداول عنه أنه قام بوضع قطع من اللحم في مناطق متفرقة من بغداد عندما أوكل إليه أحد الخلفاء اختيار مكان مناسب لبناء مشفى، واختار المكان الذي فسدت فيه آخر قطعة لحم لما يتمتع به المكان من هواء نقي يساعد المرضى على الشفاء بشكل أسرع.

ينسب إلى الرازي تأليف أكثر من ٢٠٠ كتاب في الطب والفلسفة والكيمياء وفروع المعرفة الاخرى ، وترجمت مؤلفاته إلى اللاتينية وكانت مرجع في الجامعات الاوروبية لاسيما هولندا حتى القرن السابع عشر.

أمضى الرازي  حياته في الدراسة والعمل والبحث عن المعرفة حتى أصاب عينيه الماء الأزرق وفقد بصره ، قبل أن يتوفى في مسقط رأسه في مدينة الري،  ليترك وراءه ارث كبير ، ووصفته مستشرقة ألمانية تدعى زيغريد هونكه في كتاب شهير لها (شمس العرب تسطع على الغرب )...بأنه "أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق".

إعداد : سيريانيوز


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close