المشروع التركي في سوريا .. ومعارك "عين عيسى" ..؟

في اخبار الايام الاخيرة التي تصادف نهاية العام 2020 نسمع اسم "عين عيسى"، البلدة التي تقع في ريف الرقة شمال سوريا ، ونزاع تركي، كردي، "سوري" .. للسيطرة على البلدة ..

في اخبار الايام الاخيرة التي تصادف نهاية العام 2020 نسمع اسم "عين عيسى"، البلدة التي تقع في ريف الرقة شمال سوريا ، ونزاع تركي، كردي، "سوري" .. للسيطرة على البلدة ..

ويمكن ان نستغل هذا لكي نشرح المشروع التركي في سوريا ، او بشكل ادق جوهر المشروع التركي ، وايضا لكي نفهم الاطر العامة التي تسير فيها الاحداث اليوم وكيف تحدد مصالح الدول الاقليمية والقوى العظمى  سير هذه الاحداث.

 

بشكل اساسي تريد تركيا ان تنجز منطقتها العازلة في شمال سوريا ، لكي تقطع اي فرصة على "الاكراد الانفصاليين" باتمام مشروعهم باقامة دولة كردية يمتد جزءا منها في شمالي سوريا وجنوب تركيا.

بالنسبة للاتراك اي اعلان لقيام دولة كردية في سوريا او حكم ذاتي بصلاحيات واسعة ، هو دغدغة لمشاعر الاكراد الانفصاليين في جنوب تركيا ، وبالتالي تهديد مباشر للامن القومي التركي ما يشكل خط احمر شديد القتامة.

من الممكن ان تتماهى مصالح تركيا مع المصالح السورية، او مصالح جزء من السوريين بعد كل الذي حصل، ولكن من الساذاجة ان نعتقد بانها يمكن ان تفضل مصالحهم على مصالحها هي، هي دولة ديمقراطية ذات سيادة ولن تذهب في اي مسار يمكن ان يتسبب بالضرر لها او لمواطنيها .. ومن الدول"الحقيقية" يفعل هذا! ؟

وبالتالي اي تضارب بين مصالح السوريين ومصالحها سترجح الكفة بكل تأكيد لصالح المصالح التركية وان كانت النية غير موجود للاضرار بمصالح السوريين ولكن التطورات على الارض والتدخلات الدولية في الارض السوري قد تفرض هذا ..

وان كانت تحقيق المصالح التركية يعتبر في كثير من الاحيان اعتداء على السيادة السورية ( التي باتت مفوقدة اليوم بطبيعة الحال ) فمن سيرد هذا الاعتداء ..

عادة الذي يرد الاعتداء هو الدولة ، واليوم الدولة في سوريا غير موجودة ، واذا احسنا النية فان النظام في سوريا عاجز عن خوض حرب ضد تركيا ، واذا بحثنا اكثر سنكتشف بان النظام شريك ويتحمل كامل المسؤولية عما الت اليه الاوضاع .. شريك في مشروع تفتيت سوريا وترك اهلها لقمة سائغة للقوى الاقليمية والدولية ..

بالعودة الى عين عيسى ، تركيا لا يهمها كثيرا السيطرة على البلدة ، ما يهمها ان تخرج من سيطرة الاكراد لماذا ؟

لان عين عيسى هي نقطة الربط بين خطوط الامداد لـ "قوات سوريا الديمقراطية" ( المسيطر عليها كرديا ) بين الشرق والغرب . ( شاهد بالخرائط )

تركيا قامت بثلاث عمليات عسكرية في سوريا "غصن الزيتون" و"درع الفرات" في الغرب ، و"نبع السلام" في الشمال ، وبقيت مسافة فيها مدينة هامة هي "عين العرب" تفصل بين اراضي درع الفرات ونبع السلام ، وتريد تركيا السيطرة عليها لوصل المنطقتين وانجاز مرحلة هامة من منطقتها الامنة ..
"عين عيسى " .. هي العقدة التي تصل الاراضي التي تسيطر عليها "قسد" بعين العرب ومنطقتين اخريتين في الشمال الغربي هما منبج و تل رفعت ( شاهد الشرح بالخرائط في الفيديو ) .. والسيطرة عليها يعني تحقيق جزء كبير من المشروع التركي باقامة المنطقة العازلة ..

يجب ان نذكر بان تركيا لا تريد ان "تحتل" المنطقة العازلة بمعنى "الضم" .. هي تريد ان تكون تحت نفوذها ، يمكن ان تبني فيها مدن او تؤهل المدن الموجودة لنقل بعض المهجرين في ادلب او في اراضيها من اللاجئين السوريين ، لتقطع التواصل الكردي الكردي بين شمال سوريا وجنوب تركيا كما ذكرنا ..
جوهو المشروع التركي في سوريا هو هذا ، قطع التواصل الكردي الكردي والقضاء على حلم اقامة دولة كردية تهدد الامن القومي التركي.

وهذا المشروع يمكن ان نعتبره مثالا كيف تجري الامور في سوريا ، فالمشروع التركي ليس المشروع الوحيد ، ويتقاطع مع مشاريع اخرى لاميركا وايران وروسيا واسرائيل .. وسط تخل كامل عن المسؤولية من قبل النظام السوري ( في حال حسن النية ) ..

وكما هو واضح بان هذه المشاريع لم تنتهي وهي بحاجة الى وقت لتنفيذها ( ولم تشارف حتى على النهاية ) ما يرجح ان يبقى الوضع كما هو عليه سياسيا وعسكريا في سوريا وقت اطول لزوم اتمام هذه المشاريع وتحقيق المصالح المتقاطعة بما يحقق الرضى للجميع.

بالطبع ماعدا السوريين .. الذين ليس لديهم اليوم مشروعهم الخاص .. وليس لديهم القدرة على حماية البلد .. ولا على ان يكونوا لاعبين على اي مستوى في سير الاحداث مع الاسف ..

 

نضال معلوف


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close