مهما كانت التسمية لما حدث في تونس ولكنه من المؤكد حدث في غير مسار المضي نحو الديمقراطية .. ضروري أم غير ضروري .. بحسب ما سمعت وشاهدت على شبكات التواصل الاجتماعي هناك كثير من التونسيين سعداء بما جرى .. سعادة تشبه سعادة كثير من المصريين بانقلاب السيسي ..
شاهد التقرير كاملا ...اضغط هنا
يمكن ان نتعلم من الكتب والمراجعات في السياسات الدولية أن القوى العظمى لا تترك الأحداث تتشكل بدون تدخل منها.
هي تحرص على أن تسير الأمور في سياق يخدم مصالحها أو على الأقل لا يضر بهذه المصالح.
كان الموضوع على الدوام هكذا ولا يوجد سبب منطقي ليجعل هذا يتغير اليوم؟
الآن المشكلة في منطقتنا ليست أصيلة لا نمتلك أساسات كافية لبناء الدولة ، دولنا ناشئة .. والحقيقة ان معظم دول العالم الثالث كانت هكذا ..
أكثر ما يحدد إمكانية تحول الدول الناشئة الى دولة حقيقية هي المصالح الدولية .. مصالح القوى العظمى .. اذا كان لها مصلحة بان تتشكل الدولة فان هذا يساعد كثيرا وإذا كانت مصالحها في عدم نشوء الدولة فان شعوب المنطقة ستعاني كثيرا حتى تحصل على فرصة تشكيلها ..
وعلى ما يبدو بان المصالح الدولية في منطقتنا تقضي بالا تنشأ دول حقيقية ديمقراطية .. وان تبقى الشعوب محكومة من خلال حكم شمولي .. يسهل على القوى الخارجية التحكم فيه ..
في حالة الدول الحقيقية القوية التي تمتلك أساساً صحيحاً ونسيجاً قوياً فإن التجاذبات الدولية قد تغير تموضعها قليلا ولكن تبقي على وحدتها وتماسكها ..
أما الدول الهشة فإنها تبقى موجودة طالما إنها في رعاية طرف واحد أما اذا نشأت تجاذبات بفعل متغيرات محددة فإن هذه التجذبات ستتسبب بتقسيمها وربما تفتيتها لأنها غير مبنية على أساس متين ونسيجها هش قابل للتمزق ..
نحن لا نعرف اذا كان الواقع الذي نعيشه مخططا كليا ، ام هو مزيج من عوامل داخلية تحتاج الى وقت كبير لتتشكل ويكون في مقدرتها بناء الدولة بالإضافة لتدخلات خارجية تضعف اي عوامل قد تمكن السكان من بناء دولهم ..
ولكن التاريخ كشف بأن كل شيء كان تحت اللحظ وبأن تاريخ منطقتنا رسمته تماما القوى العظمى ..
وبحسب السنوات الأخيرة بات من المؤكد لنا بان هناك خلايا نائمة في أي دولة على رأسها حكم ديكتاتوري خلايا مرتبطة بايدولوجيات خارجية عابرة للحدود وبالتالي بأيادي خارج الحدود الوطنية عندما تتمزق الدول الهشة او تتعرض للانهيار تنشط هذه الخلايا وتتشكل على هيئة مشاريع حكم غير وطنية بواجهات متعددة قد تكون إسلامية ، إسلامية متشددة ، ماركسية .. الخ .. تنقض على البلاد وتحاول السيطرة على الحكم فيها ..
وهذه المشاريع عادة ما تكون شكل من أشكال الديكتاتوريات ، تلبس أقنعة الدين او العدالة الإنسانية او الأساطير القومية .. وتبدأ بفرض نموذج اسوأ من النموذج القديم القائم الذي عادة ما كان في هيئة حكم عسكري ديكتاتوري ..
فيبدأ في فرض أنماط من الحياة ، وتقييد الحريات بذرائع الايدولوجيا والمثاليات والأساطير .. المهم في النهاية يفرض نفسه بديلا أسوأ مما كان ..
هذا الدور في الواقع الذي يلعبه إن كان مخططاً او غير مخطط ، ولكن يمكننا ان نستنتج بأن هذه التيارات هذه الخلايا النائمة لم يكن في مقدورها أن تبقى صامدة لعقود طويلة بدون دعم من قوى عظمى قادرة تغذيها لتكون جمرا تحت الرماد تشعله لتحرق أي محاولة للتحول للديمقراطية ..
فترى داعش ، القاعدة ، البي كي كي ، والاخوان ، واليسارية المتطرفة .. تقفز لتلعب دور الفزاعة وتنكد على الشعوب حياتهم ، تحافظ على ذات ممارسات الديكتاتور وتضيف قيودا إضافية إما بإسم الدين أو بإسم الاشتراكية أو بإسم القومية ..
تعمل كأداة تأديب للشعوب لكي تعلن الندم والاستسلام وترفع التوبة وتنادي بعودة السيئ الأقل سوءا من الأسوأ الذي تمكن اليوم من الحكم ..
هذا حدث في العراق ، حدث في سوريا ، في لبنان ، في مصر في تونس اليوم ..
لو سمعتم أراء الكثير من التونسيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ينادون بحكم العسكر والديكتاتور للتخلص من قبضة الإخوان المسلمين لفهمتم تماما ما ارمي إليه ..
نضال معلوف
للاطلاع على مواضيع اخرى تهمك ،تابع قناة اليوتيوب... اضغط هنا