الكهرباء في سوريا.. النظام يروض الناس ليعيشوا مستقبلا اسودا

26.01.2022 | 23:00

هذه الملحمة بين المواطن والحكومة او سلطات امر الواقع عموما في سوريا، هذه الملحمة الكبيرة من المؤكد ليست ظرفا مؤقتا او عطلا طارئا، او انها سحابة صيف وستمر بسلام وتعود الامور الى ما كانت عليه.

الحقيقة هي عملية ترويض للناس لمستقبل لا يشبه ماتعودوا عليه، ساعات طويلة من التغذية باسعار رمزية امر اصبح من الماضي.

 

ساعات القطع الطويلة لها رسالتان لنا، الاولى ربما نعرفها وهي ان موارد الطاقة عندنا اصبحت لا تكفي للطلب المتزايد خاصة في الظروف الحالية، والثانية وهي الاهم.. لا يمكننا عزيزي المواطن ان نؤمن لك الكهرباء والطاقة باسعار رمزية..

هذا العصر انتهى في سوريا

الحكومة تعاني من العجز صحيح وهي لا تريد ايضا ان تتجاوز هذا العجز في الوضع الراهن، لان تجاوز العجز يعني خسارة كبيرة لها..

لو تم رفع العقوبات اليوم وصدرت اي دولة من دول الاصدقاء حاجتنا من النفط ويزيد لن يتحسن واقع الكهرباء ولن تزيد ساعات التغذية، لان كل ساعة تغذية بالاسعار الحالية تكبد الحكومة المفلسة خسائر تقدر بملايين الدولارات..

مصيبة كبيرة في حال تم رفع العقوبات عن النظام اليوم، ماذا سيفعل وليس له عذر في قطع الكهرباء وتخفيض كمية المشتقات النفطية..

مع محدودية الموارد المالية سيكون عاجزا تماما عن استيراد النفط وتوليد الكهرباء ولو سمح له.. وكل ساعة تغذية تتسبب له بخسائر فادحة..

كل الحلول التي يتم الحديث عنها اليوم، رفع العقوبات، انتهاء الحرب، حتى عودة الابار النفطية الى سوريا، مد خط الغاز العربي، الكهرباء من الاردن..

كل ما يتم طرحه محسوب على اساس الاسعار الحرة للطاقة، لا يمكن ان تصلك بعد الان الطاقة باسعار مدعومة هذا من الاخر.

ظروف سوريا، الظروف الاقليمية، الظروف الدولية الطلب على الطاقة عموما تغير، نحن في عصر جديد..

وفيما ان كل دول العالم تتعامل مع الموضوع وفق قانون العرض والطلب وصحيح ان اسعار الطاقة فيها ترتفع ولكن هي في متناول معظم الشرائح السكانية فيها..

في سوريا الامر يختلف سوريا اليوم تتجه لتنتمي الى نمط اخر من البلدان، اسف ان اعلن باننا اصبحنا في خانة البلدان المعدمة والفقيرة.

والعيش في هذه البلدان لا يشبه العيش في باقي دول العالم ولا يشبه ما عشناه في الماضي..

قبل ان يخرج احدكم ويقول لي اننا كنا عايشين..

نعم ولكن متى؟.. كنا عايشين منذ بداية وجود الحياة على ارض سوريا وصولا الى ستينيات القرن الماضي، في كل المراحل وفي كل الدول التي مرت على هذه الارض لم نصل الى الحضيض الذي نعيش به اليوم..

والوصول الى القاع في ارض عمرها الاف السنين لا يحصل بين يوم واخر ولا في سنة او عقد..

هذا نزيف عقود طويلة ماضية تم القضاء فيها على كل الامكانيات والمقدرات والطاقات.. عملية الانتقال هذه من بلد يعيش اهله الكفاية الى بلد فقير معوز تستلزم عقود من الزمن وعمل خبيث مكثف من قبل قيادات عميلة تقود عملية الهدم وفق برنامج طويل الامد منظم لكي لا يكون هناك اي قدرة لاهل هذا البلد ليستعيدوا السيطرة ويعكسوا الاتجاه..

ما اريد قوله.. ان الطاقة في مناطق سوريا اقتربت ان تصبح بالاسعار العالمية الحرة، هذه المسرحية الطويلة شارفت على الانتهاء، ويستلزم الاسرة في كل شهر ما يعادل 100 دولار في الحد الادنى لكي تؤمن احتياجاتها من الطاقة (ما يعادل 350 الف ليرة سورية اليوم).

اعرف ان دخل المواطن اليوم لا يتعدى 30 دولار لكل شيء.. واعرف باننا اليوم في حكم سلطات امر واقع غير مهتمة واذا اهتمت غير قادرة على تحسين هذا الدخل..

والمعنى اننا والى مدى غير منظور سنعيش عيشة الدول الفقيرة المعوزة ويتوفر لنا ما يتوفر لاهلها.. ومع الاسف ستصبح الكهرباء من خدمات الرفاهية التي لا يستطيع الحصول عليها الا شريحة محدودة للغاية.. من تجار الحرب والمنتفعين ورجالات السلطة..

اما باقي البلد ستغرق بالفقر والظلام..

والامل الوحيد هو في ايجاد حل سياسي، ويصادف ان يكون هناك ارادة دولية بانهاء الصراع في هذه المنطقة ويصل الى السلطة قوة وطنية تعمل لصالح الوطن ولتحقيق مصالح الناس، في هذه الحالة فقط يمكن ان نقلب الطاولة ونصل الى بداية الطريق الذي يمكن ان يؤدي بنا الى مستقبل افضل.

 



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved