لم يمض 72 ساعة على توقعاتي باعلان رفع اسعار الكهرباء في سوريا حتى سربت صحيفة الوطن الخبر ، خبر وجود خطة حكومية لرفع اسعار الكهرباء لشرائح واسعة من المستهلكين في سوريا .. وطبعا اول الرقص حنجلة.
جاءت التسريبات بعد قرارين متلاحقين لرفع اسعار المازوت والغاز الصناعي والتجاري بنسب كبيرة بلغت في المازوت مثلا 260%.
لمشاهدة التسجيل على اليوتيوب .. اضغط هنا
اذا الحكومة ماضية في رفع الدعم وتحرير الاسعار وتتجاهل تماما انهيار سعر صرف العملة وارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم الهائل الذي شهدته الاسواق .
بالصدفة يوم امس اتصل معي قريب من سوريا باعتبار انه لدي بعض الخبرة في اجهزة الحاسب يريد استشارتي في مواصفات حاسب يريد شرائه .. وبعد ان اتفقنا على احد الاجهزة .. سألته كم سعره .. فقال لي 3 مليون ليرة سورية وهو ثمن سيارة فارهة او منزل في منطقة مقبولة في دمشق قبل عشر سنوات ..
حتى لا اعيد يمكن ان تراجعوا التسجيل السابق للوقوف كم انخفض المستوى المعيشي للعائلة السورية.
والغريب .. الحقيقة انه لا احد يتكلم لا احد يعترض ..
ولا اقصد الناس .. فالدرس الذي تلقاه السوريون قاس .. وانا اعتقد بانهم يفضلون الموت جوعا بصمت .. وهم على حق ..
فالوحشية التي قابل بها النظام الحراك الشعبي كلنا عايشناه ونفهم جيدا صمت الناس ..
ولكن اين صوت النقابات ، اين صوت مجلس الشعب ممثل الناس ، الغرف المختصة ، الجمعيات .. سكون تام ..
الحقيقة ليس سكونا تاما هناك بعض الاصوات .. ولكن الصوت الذي سمعناه على القرارات الاخيرة كان صوتا غريبا وشاذا..
دعوني اشرح لكم الموضوع بسرعة ..
المازوت الصناعي والتجاري المدعوم يذهب للمنشأت المرخصة في سوريا ، واخر سعر قبل الزيادة الاخيرة كان 650 ليرة سورية ، ولان سوريا اليوم من المفروض انها تعاني من نقص الموارد التي يسيطر عليها الاميركان ويستثمر الباقي الروس والايرانيين .. بالاضافة الى الحصار المزعوم المفروض هناك شح في المادة وهذا بطبيعة الحال في دولة مترهلة مفككة سيخلق سوقا سوداء .. لا تصل كامل المخصصات للمعامل او لا تكفي هذه المخصصات فيؤمن الصناعي او التاجر النقص من هذه السوق باسعار تتراوح بين 3000 الى 4000 ليرة سورية ..
هذا بالاضافة وهو الاهم ..
ان هناك مئات الورش والمعامل الصغيرة غير المرخصة وهذا واقع مزمن قديم لا يمكن تصحيحه اليوم، هناك مدن تعتمد على المولدات الخاصة التي تعمل على المازوت والتي تؤمن حاجتها من السوق السوداء مثل مدينة حلب ، هناك النقل الذي لا تكفي مخصصات المازوت المدعوم لتشغيل المركبات لنقل الافراد ولا نقل البضائع بين المحافظات ونحن نعيش مشكلة كبيرة جراء هذا .. كل هؤلاء ليس لديهم مخصصات واليوم بعد ان ارتفع السعر المدعوم 260% سيرتفع بشكل مواز في السوق السوداء الى مستويات قد تقارب 8000 ليرة سورية ..
لان الظروف لم تتغير في سوريا ، الموارد ما زالت مصادرة ،الحصار مفروض والمادة شحيحة .. من اين سيأتي المازوت لكي يكفي حاجة السوق بحيث تستطيع الحكومة تأمين المازوت للجميع بسعر 1700 ..
الحقيقة القرار بالاضافة لرفع اسعار الغاز الذي تعتمد عليه مثلا كل المطاعم ومحلات المأكولات ، بالاضافة الى رفع اسعار الكهرباء ..
كارثة حقيقية .. ستنعكس كلها على المواطن ، لن تجد هذه الحلقات ما قبل المنتج النهائي وسيلة لتعويض هذه الزيادة الا برفع الاسعار ..
نعود للصوت الذي سمع في مواجهة هذه القرارات ..
كان صوت شكر للحكومة والوزير على رفع الاسعار .. صدق او لا تصدق .. هذا المنافق مثلا كتب موشح شكر لان الوزير رفع له سعر المازوت من 650 الى 1700 .. وهذا الشكر جاء بعد دقائق من القرار .. لم ينتظر الوقت الكافي هذا المنافق لكي يرى اثر القرار
في الدول التي لا تشبه الدول مثل دولتنا .. يطفو على السطح كل فاسد ان كان في مواقع المسؤولية او في تصدر القطاعات بانواعها .
في كل مجتمع يوجد اقلية فاسدة ، تقبل بكل شيء ، تقبل بان تقوم بالادوار القذرة .. وعندها من الانانية وانعدام الضمير والغباء وضيق الافق ما يجعلها تقبل باي شيء لقاء مكسب اليوم او مكسب الصفقة .. فيما يتم ابعاد الاغلبية ومن هو مؤهل منها او لديه امكانيات او مهارات لان هؤلاء ببساطة لن يقبلوا بلعق الاحذية والتملق لقفا المسؤول المسترخية على الكرسي ..
الاقلية التي تحكم في سوريا وتسيطر ولها النفوذ اليوم هي اقلية لا اخلاقية ليس لها علاقة بالدين او الطائفة او العرق .. اقلية يرفع منافق منهم الشكر بيد لصدور قرار حتى ولو انه سيكون اجهاز على حياة ملايين السوريين .. في مقابل ان يحصل باليد الاخرى على ترخيص او استثناء او يغض الطرف عن مخالفة او استخقاق يوفر له او عليه بعض الاموال ..
لمتابعة القناة على الفيسبوك .. اضغط هنا