تداعيات اغتيال قاسم سليماني على المنطقة .. تغير لاتجاه الصراع باي اتجاه ؟

04.01.2020 | 21:48

رغم ان ماهية الرد الايراني على اغتيال قاسم سليماني في العراق لم تتضح بعد وتحتاج الى بعض الوقت ، ولكن بات من الواضح ان الامور متجه الى مزيد من التوتر  .. توتر سيغير ملامح الصراع الذي سيطر على المنطقة في الاشهر الماضية ..

لكي تكون قراءتنا صحيحة لمستقبل التطورات يجب ان نستذكر كيف كان وضع ايران قبيل عملية الاغتيال في المنطقة ..

ايران كانت تشهد حركات احتجاج داخلية ولو ان النظام الايراني  نجح في ضبطها والسيطرة عليها ظاهريا، الا ان المراقب للوضع الايراني الداخلي يعلم بان الشارع كان ما زال في حالة غليان وسط تعتيم كبير من قبل السلطات على حقيقة ما يجري في الداخل وان الوضع مرشح للانفجار من جديد في اي لحظة  .. ( قال مسؤول ايراني في هذا الصدد بان اغتيار سليماني وحد الشعب الايراني ).

في العراق كانت المرة الاولى التي تتعرض فيها مصالح ايرانية في حاضنة شيعية ( النجف ) للاستهداف من قبل العراقيين ، وتواجه صوت عال خلال مظاهرات استمرت لاشهر تطالب بالتقليص من نفوذ ايران في البلد الجار بشكل او باخر ، وتطورت هذه المجريات لتصل الى ازمة سياسية حادة بدأت ايران من خلالها فقدان السيطرة ، على بلد اصبح يعتبر امتداد لها في المنطقة ، لاول مرة منذ سنوات طويلة ..

و اليوم فان كل الترجيحات تشير الى ان المواجهة الايرانية الاميركية ستكون في ارض العراق ، الامر الذي سينهي اي امال للشعب العراقي في اكمال مسيرة اعادة السيطرة على الدولة "المدنية" فيها وامتلاك زمام القرار ( بفعل ترتيب الاولويات ) ..

وفي لبنان حاصر الحراك المدني حزب الله وحلفائه باتجاه تقليص نفوذهم السياسي الذي سيطر على قرار الدولة في السنوات الاخيرة ، واليوم اذا قرأتم التحليلات بات الرأي السائد بان "حكومة اختصاصيين" ( مطلب الحراك الاساسي )  لن تكون قادرة على اتخاذ قرارات في ظل غياب أركان سياسية مهمة في مثل هذه الظروف التي تحمل الكثير من التحديات.

في سوريا هناك من يعتقد بان النفوذ الايراني سينحسر بعد موت "الرجل القوي" قائد فيلق القدس المشارك في كثير من المعارك والموجود في معظم المناطق جنبا الى جنب مع تشكيلات من قوات النخبة السورية خاصة الفرقة الرابعة التابعة لماهر الاسد ..

ويمكن ان يكون هذا التحليل سليم فيما لو ان الضربة الجوية الاميركية قضت على كامل افراد فيلق القدس وليس على سليماني وفقط ، لا ننسى بان سليماني هو "موظف" تم استبداله بموظف اخر خلال ساعات ولا ندري فيما اذا كان الموظف الجديد اكثر قدرة منه على دعم القوات السورية واقدر منه على قيادة افراد الحرس الثوري في سوريا ( كما في غيرها ) بطريقة اكثر كفاءة من سابقه ..

على العكس تماما فان مقتل سليماني سيعطي الذريعة للحرس الثوري الايراني ليقوم بافعال انتقامية غير مباشرة في المنطقة في اراض الاقليم الذي تشكل سوريا جزءا منه وتتواجد فيه مصالح اميركية كبيرة ما يجعل سيناريو ان تتحول سوريا هي الاخرى لساحة خلفية ( وربما امامية ) للصراع الاميركي الايراني في العراق .. امرا واردا

ولو انه من المبكر في ان نذهب في تشاؤمنا ( الموجود اصلا ) الى مدى بعيد ، ومع اتفاقنا بان خلاصنا من قاسم سليماني كأحد رموز القتل والاجرام في المنطقة هو حدث ايجابي بشكل مجرد ، ولكن في نفس الوقت يجب ان نكون حذرين في لانه قد يكون اغتيال سليماني قد صب الزيت على نار ايران التي بدأت تخمد في المنطقة .. قد يكون موته، كما قال مسؤول ايراني رفيع المستوى في تشييع سليماني ، هو تأكيد ان "ايران تصل دائما الى مقامات اعلى عن طريق الشهادة"..!

وان كان العكس هو الصحيح وان اميركا عزمت العقد فعلا على تقليص الدور الايراني ، فقد علمتنا التجربة ان اي صراع بين الولايات المتحدة ونظام ديكتاتوري مارق في المنطقة لا يصب على الاطلاق في مصلحة الشعوب ، فاذا انتصرت النظم ستشدد من قبضتها على الحكم وترفع مستوى الاستبداد ووتغالي في قمع الحريات ( سوريا ولبنان بعد حرب تموز )، وان هزمت هذه النظم فان اميركا ستحول الدول التي انهار فيها النظام الى ارضى تعمها الفوضى وتسكنها المليشيات بمسميات مختلفة ولن تسمح بان تنشأ فيها دولة حقيقية ابدا ( افغانستان العراق ) .. ( انتصرت اميركا على صدام حسين ماذا حدث من وقتها الى زماننا هذا !؟).

باختصار فان اتجاه الامور نحو الحرب ، او التلويح والتهديد بالحرب ، سيكون ذريعة لكتم انفاس الشعوب ومصادرة اي امل لها في احداث التغيير الذي تأمل بتحقيقه ، بغض النظر عن المنتصر ..

وهنا تبرز المعضلة التي تواجه سوريا ( كما باقي دول المنطقة ) فهي عالقة بين فيكي كماشة ( احيانا كماشة مزدوجة باكثر من رأس ) ، هي في حالة الشد محاصرة  ومقيدة ومضغوطة، وفي حال ان احد الرؤوس قد انتصر فان الكماشة ستطبق على خناقنا في كل الاحوال وتقضي عليها ..

نضال معلوف

 

 



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved