وفيما كانت حلقات الدبكة معقودة في طرطوس تجديدا للبيعة للرئيس بشار الأسد، كانت قبرص تستغيث من زيادة في تدفق اللاجئين السوريين من المدينة ( الموالية ) إليها وتطلب من الاتحاد الأوربي التدخل للحد من وصول مراكب المهاجرين السوريين إليها.
وبالمناسبة المتعهدون الذين يقيمون حفلات الدبكة هم ذاتهم الذين يهربون الشباب السوري الى خارج سوريا ويقبضون المعلوم ..
شاهد التقرير كاملا على اليوتيوب ....اضغط هنا
ودائما تعودنا في سوريا بان المفاجأة كما قلت سابقا بأنه لا شيء مفاجئ لا شيء يتغير .. كان هناك بعض الأمنيات بان يقوم النظام بتجديد البيعة على الساكت احتراما لمعاناة الناس وظروفهم الصعبة .. ولكن هذا لم يحدث ..
لماذا لم يحدث ؟
يجب أن نفهم بأنه لو كانت هذه التجمعات والحفلات الجماهيرية تظهر تأييدا شعبيا حقيقيا للأسد ، لكانت القوى المسيطرة في المنطقة تخلصت منه في اليوم التالي ..
ويجب أن نفهم أساس الحكم في المنطقة لنفهم لماذا تدار الأمور بهذه الطريقة ..
القوى المسيطرة في المنطقة من بعد الحرب العالمية الثانية يهمهما التعامل مع شخص قادر على السيطرة على الأوضاع وضمان سير الامور في اتجاه لا يتعارض مع مصالحها ..
ذكرت مصادر في أكثر من مناسبة ( سأعيد وضعها في صندوق البحث ) تبين لكم هذا وكيف تتابع القوى التغيرات وتضمن عدم وصول السلطة الى من يمكن أن يضر بمصالحها .. وتقدم الدعم له ..
ببساطة لكي يتلقى الحاكم الدعم يجب ان يظهر السيطرة وقدرته على تحريك الأمور بالاتجاه الذي يريد ..
وهذه السيطرة يجب ان تكون قمعية وليست تمثيلية لسبب بسيط ، لان السلطة التمثيلية تعطي الشرعية للحاكم من الشعب ويجب ان يمثل مصالحها ويمكن في هذه الحالة ان يقول نعم ولا .. وهذا غير مطلوب يجب ان تكون قمعية بدعم استخباراتي وعسكري من هذه القوى لكي لا يكون هناك اي احتمال للمسيطر على الانشقاق والتفكير بخرق قواعد اللعبة ..
ما يحدث اليوم في سوريا هو إظهار لقدرة النظام على التحشيد ، لكي يقنع "الشاري" بأنه ما زال هو الأنسب للتعاقد معه وانه ما زال يدير الامور في المناطق التي يسيطر عليها لا اكثر ..
ولذلك يمكن من خلال النقابات والاتحادات والمؤسسات والقطاع العام والمافيات التي تعمل لأجله ان يقيم هذه المهرجانات والخيم ويجعل الناس ترقص وتدبك على ألامها ..
ويستعمل ايضا ( وهذا قديم ) بث الإشاعات من خلال المخابرات بان كل من لا يقدم على المشاركة في العرس الوطني سيكون موضع نظر المخابرات ويمكن ان يتعرض للمضايقة اقلها في بعض المعاملات الرسمية مثل استخراج جواز السفر او تجديد الهوية، والموظفون يخشون فصلهم من الوظيفة وهذه معلومات من الداخل طبعا ..
وبكل الأحوال اذا نظرنا على خارطة الدبكات .. سنرى بان النظام لم يستطع ان يحقق اي اختراق .. اقيمت الدبكات في المناطق التي يسيطر عليها تماما .. فيما بقيت كل المناطق التي هي خارج سيطرته وتحت سيطرته الجزئية بعيدة عن عمليات التحشيد .. حاول أن يأخذ بعض اللقطات للدبكة في القامشلي الحسكة السويداء درعا دير الزور .. هي لقطات خجولة وغير مقنعة ..
وخارجيا مثل العادة لم يستطع الا الظهور في لبنان ..
وهذا ولو خرجنا عن الموضوع يثبت بان القوات الأجنبية ( السورية ) عندما تدخل الى بلد لا ينتهي نفوذها بخروج القوات العسكرية .. هذه لبنان بعد 15 عاما ما زالت خاضعة بشكل كبير الى القرار السوري الإيراني ..
وهكذا كان عندما خرج الفرنسيون .. وهكذا سيكون مع القوات متعددة الجنسيات الموجودة اليوم ..
المهم ..
اذا نظرنا للموضوع من بعيد سنرى ان النظام فشل في حشد مظاهر التأييد له في مناطق غير تلك التي نعرف انه يسيطر عليها .. وكثافة الاحتفالات وضخامتها في مناطقه للتعويض على هذا الفشل .. ما الجديد اذا دبك الناس في دمشق واللاذقية وطرطوس وجبل محسن ؟
لا جديد .. ولكن هكذا تعمل البروباغندا .. التركيز على جانب من الصورة وتضخيمها لننسى الصورة الكلية ..
وهي صورة ليست للإظهار لنا .. هي اختبار للنظام يجب أن ينجح فيه .. سعيا منه لإقناع القوى المسيطرة على تمديد الولاية له في المناطق التي يسيطر عليها وليس اكثر ..
والإبقاء على الوضع حاليا على ما هو عليه .. سلطة ضعيفة محلية على بعض المدن السورية ، وقرار سيادي مصادر من الأصدقاء .. ومهمة بضبط الرعية وتسيرها بما يخدم المخطط ويصل بالبلد الى التدمير الكامل .. الى وقت لا يبقى ما يمكن السيطرة عليه .. وقتها تنتهي المهمة ..
للاطلاع على مواضيع اخرى ،تابع قناة اليوتيوب ...اضغط هنا