شكرا عباس النوري..

31.01.2022 | 23:16

هي بالأساس كانت القضية الكلمة.. لم تكن مازوت ولا خبز ولا مواصلات.. هذه كلها نتائج لغياب حرية التعبير عن الرأي..

ضخامة ما حدث في السنوات الأخيرة يجعل الانسان أحيانا يفكر هل كل ما حدث ضروري.. هل هو محتوم؟

لتأتي حادثة مثل حادثة عباس النوري لتجيب وتقول نعم..

 

بعد كل ما جرى لا يقبل النظام ولو مراجعة بأسلوب حذر ودمث.. حتى انه لم يقترب من المقدس "سيد الوطن"، قال عباس النوري ما يقوله مئات المؤرخين والمحللين والمتابعين للشأن العام "حكم العسكر اجهز على الديمقراطية".

تدخل العسكري في الحكم والاستيلاء عليه هو من قضى على المؤسسة العسكرية وحولها الى سخرة لخدمة الحاكم.. والواقع الذي نعيش فيه اليوم اكبر دليل..

 

تأملوا في هذه الجريمة التي اقامت عليه الدنيا ولم تقعد..

قضيتنا هي الكلمة.. لان الكلمة هي الرقابة، والمعيار، والمرآة والتقييم.. هي الإرادة والمصالح والحاضر والمستقبل..

كيف يمكن ان تدير شؤون بلد ما بدون رقابة بدون تقييم بدون معايير، مع الزمن سيعتقد الذي يجلس على هرم السلطة انه على حق في كل شيء.. ويصبح هو الحقيقة المطلقة.. حتى ولو ذهب بالبلاد الى الجحيم..

السياسة ليست ترف، المعارضة ليست شيطان، الصحافة ليست بوق.. انها كلمة تعبر عن مصالح الافراد والجماعات وتعطيهم الامكانية في المراقبة والحرص على ان تكون الأمور على ما يرام..

 

راقبوا الوضع اليوم.. كل الكلام في التقارير التلفزيونية والشكاوي والمنشورات هي تعبر عن كلمة واحدة "ماااء ماااء" او "نياو نياو" هي تشبه استجداء الحيوان الاليف لكي تطعمه وتسقيه..

ما نعيشه لا يمثل حياة الانسان.. حياة الانسان يجب ان تكون ملكه يجب ان يكون له الحق بتقرير المصير، هذا العقل الذي اوجده الله في رؤوسنا لم يوجد لكي نسطحه او نضعه جانبا ونستجدي الماء والكهرباء والطعام "مياو مياو"..

الكارثة التي نحن فيها سببها غياب الكلمة.. ومع الأسف رغم كل ما حدث يصر النظام ان يعاملنا كحيوانات.. لا يحق لها الا الطعام والشراب.. واذا تكلمنا يعاقبها بالحرمان منهم..

 

لم يكن عباس النوري وباسل محرز في وضع يحسدوا عليه، احسست بانهم في حالة اختناق، كان الخوف باد عليهما يريدان باي طريقة ان يتجنبوا المصير المشؤوم مصير كل انسان نطق بكلمة..

هذا الوضع لم يكن قابلا للاستمرار وما حدث قبل عشر سنوات كان ليحدث بعد عام او اثنين لا يمكن ان تستمر الحياة بهذه الطريقة.. سيفسد كل شي وينهار كل شيء بطبيعة الحال..

شكرا عباس النوري لانه أكد للسوريين عموما بانهم لم يخطئوا عندما فقدوا الامل بهذا النظام وايقنوا بانه لا مستقبل لسوريا ولا للسوريين معه..

 

انا لا انصب نفسي حكما على الناس، ليس كل انسان منا يستطيع ان يترك كل شيء وراءه ويتبع الكلمة..

حتى أصحاب الرسل السماوية لم يتبعهم كل الناس عندما بشروا برسالتهم.. في المسيحية كان السيد المسيح يقول "اترك كل شيء واتبعني" ومع ذلك لم يتبعه الا عشرات، ولا يمكننا ان نحكم على بقية الناس بانهم سيئين..

هناك روابط مادية وعاطفية وظروف تختلف من حالة الى أخرى.. ليس كل سوري قادر على ان يضحي بحياته في الوطن ويفر من البطش ويختار ان يكون حرا فيما يقول وفيما يريد..

 

ولكن من المؤكد بان أي كلام غير استجداء الطعام والخدمات في سوريا، سيعرض صاحبه الى الخطر، وكلما كان القائل كبيرا مؤثرا ، هامة من هامات الفنون او الادب او الفكر.. سيكون الخطر اكبر.. وأنا شخصيا أتمنى من كل السوريين في الداخل اخذ الحيطة والحذر.. لانه لسنا اليوم في معرض النقاش حول وحشية النظام.. اعتقد بان هذا كلنا متفقين عليه معارضين ومؤيدين..

 

شكرا عباس النوري لانك اثبت بان كل من خرج على النظام كان على حق..

 

نضال معلوف

سيريانيوز



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved