من المفيد ان نقرأ هذه الرواية اليوم، فاكثر من نصف قرن على نكبة حلت بشعب يعتبر من اقرب الشعوب الينا نحن السوريون، لا بل تربط معظمنا فيه صلات قرابة كانت كافية لننسى كثيرا من التفاصيل.. التي مع الاسف بتنا نعيشها اليوم مرة اخرى اليوم نحن في بلدنا..
غسان كنفاني* في رجال تحت الشمس.. هذه الرواية القصيرة العميقة التي وان نظرت الى الكتاب بعد ان تقرأها تشعر بان الكتاب يتنفس.. ببطء.. يلفظ انفاسه الاخيرة.. على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن..
ترك قريته وبيته الصغير واشجار الزيتون وانتظر 10 سنوات كاملة في محطة انتظار قبل ان يقرر السفر نهائيا الى الكويت كما فعل اقرانه ليستطيع ان ينشيء حياة جديدة يوفر فيها لعائلته حياة كريمة..
عشر سنوات وهو يحلم بحبات الزيتون.. عشر سنوات من الانكار حتى استطاع ان يعترف لنفسه بالحقيقة..
تشبه رحلة هؤلاء، ابطال قصة الماضي ابطال قصة حاضرنا مئات الالوف من شبابنا العربي في السنوات الاخيرة، رحلتهم كانت عبر الصحراء ورحلة الاجيال التي اتت بعدهم كانت عبر البحار.. حركة تشبه ارتداد قبضة عملاقة تضرب قلب منطقتنا فتنفجر شريان الهجرة فيها نازفة لا تتوقف الى اليوم.
اعتبر احد شخصيات القصة ان "الاستاذ سليم" الذي توفي قبل يوم من دخول اليهود الى قريته انه "ذو حظوة" لانه انقذ نفسه من "الذل والمسكنة.. والعار"..
عاش بعد موت الاستاذ سليم الكثيرون.. عيشة فيها من الذل والانكسار.. وماتوا هم ايضا..
ويقفز السؤال الكبير في ذهن القارئ مع النهاية المأساوية للقصة.. هل كان الموت ارحم النهايات في قصتنا الحزينة..
نضال معلوف
سيريانيوز
المعرفة لحياة افضل
*ولد غسان كنفاني في عكا شمال فلسطين في نيسان 1936 وعاش في يافا حتى عام 1948 حين اجبر بسبب الحرب التي اسفرت عن انشاء اسرائيل على مغادرة وطنه الى لبنان ثم سوريا.
عمل في دمشق وثم في الكويت واخيرا في لبنان منذ العام 1960 استشهد في بيروت بانفجار سيارة مفخخة.
يعتبر كنفاني واحدا من اشهر الكتّاب والصحفيين العرب في عصرنا، صدر له 18 كتابا وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة معظمها عن مأساة الشعب الفلسطيني.