أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف, يوم الثلاثاء, أن موسكو لم تتخل عن قرارها ضرب الفصائل غير الملتزمة بالهدنة في سوريا، وإن المهلة المعطاة لهم تنتهي هذا الأسبوع.
وأوضح لافروف في مقابلة له مع صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية "ان " الولايات المتحدة طلبت منا تمديد المهلة عدة أيام، قبل سريان الخطة التي أعلنا عنها سابقا، والتي سيصبح وفقها كل من لم ينضم للهدنة هدفا مشروعا بغض النظر عما إذا كان مدرجا على قوائم الإرهابيين أو لا. لقد طلب منها الأمريكيون عدة أيام إضافية لكي يقدموا ردهم، وتنتهي هذه المهلة الإضافية هذا الأسبوع".
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، إنها أوقفت مؤقتا ضرباتها على عناصر "جبهة النصرة" لمنح جماعات مسلحة أخرى وقتا للابتعاد عن مواقع جبهة النصرة. حيث بينت الوزارة أنها مددت المهلة التي أعطتها سابقا لفصائل المعارضة لاستكمال تنصلها من تنظيم "جبهة النصرة"، مؤكدةً تأجيل ضرب مواقع التنظيم لحين التأكد من الأهداف.
وأكد لافروف أن "روسيا تحولت إلى مركز قوة حقيقي في الشرق الأوسط، وذكر بأن القوات الجوية والفضائية الروسية تمكنت خلال الأشهر الأولى من عمليتها في سوريا من إحداث نقلة نوعية للوضع الميداني".
وساعد التدخل العسكري الروسي الذي بدأ في سوريا أيلول الماضي، على تحويل دفة الحرب لصالح الجيش النظامي بعد أشهر من مكاسب حققتها فصائل معارضة خاصة في ريفي اللاذقية وحلب، بعد ظهور أسلحة متقدمة بأيدي معارضين يعتقد انها إمدادات عسكرية غربية ومن دول عربية، بينها صواريخ أمريكية الصنع مضادة للدبابات.
وأضاف لافروف أنه خلال إحدى مكالماته الهاتفية الأخيرة مع نظيره الأمريكي جون كيري توجه إلى الأخير بسؤال "لماذا توقف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن عمليا عن استهداف الإرهابيين في سوريا ولماذا يقف مكتوف اليدين ولا يفعل شيئا لإيقاف تدفقات النفط المهرب إلى تركيا". حيث أجاب كيري أن "مواقع الإرهابيين مختلطة بمواقع "الأخيار"، ولا يجوز استهداف الأخيار".
واستطرد لافروف قائلا "تمكنا خلال الأشهر الأولى من عمليتنا العسكرية بسوريا من إحداث نقلة نوعية فعلية للوضع، ويعترف بذلك الجميع. ومن الواضح أن هناك رغبة في إيقاف هذه العملية أو تحويلها في الاتجاه المعاكس. وتشاطر تركيا هذه الرغبة، وربما شركاؤنا الغربيون أيضا، لأنهم يصرون منذ 5 سنوات على رحيل الأسد".
وأضاف "إنهم لا يكترثون بالشعب السوري، على الرغم من أن الجميع قد أدركوا أنه من المستحيل إطلاق أي عملية سياسية بدون الشعب"
وأعاد لافروف إلى الأذهان أن "القرارات الدولية التي اتخذت بشأن سوريا بدءا من عام 2012، لم تتضمن أي مطالب بشأن رحيل الأسد".
ويعتبر مصير الأسد موضع جدل, حيث تدعو واشنطن إلى مرحلة انتقالية وتحول سياسي يفضي لرحيله, في حين تبدي روسيا موافقة على إجراء انتقال سياسي في سوريا إلا أنها لا تفترض رحيلا موجبا للأسد بمقتضاه، معتبرة موضوع رحيله أمر يقرره الشعب السوري.
وكان لافروف أوضح في وقت سابق أن الأسد "ليس حليفا لروسيا" لكنها تدعمه في الحرب ضد "الإرهاب".
وفي معرض تعليقه على انسحاب كبير مفاوضي الهيئة العليا من عملية جنيف محمد علوش من جنيف، اعتبر لافروف أن العملية التفاوضية تتخلى تدريجيا عن المتطرفين، لكنه شدد مجددا على ضرورة إشراك الأكراد في التفاوض. واعتبر أنه لو بدأ في جنيف بحث صياغة الدستور السوري الجديد بدون مشاركة الأكراد، فسيعني ذلك فشل العملية كلها.
وكان كبير المفاوضين في وفد "الهيئة العليا للتفاوض" المعارضة محمد علوش أعلن, مؤخرا, انسحابه من منصبه وتقديمه الاستقالة للهيئة "احتجاجا على فشلها".
ويذكر أن موسكو كانت تعارض منذ البداية مشاركة ممثل "جيش الإسلام" محمد علوش في وفد الهيئة بجنيف، وأكدت سابقاً اعتبارها "جيش الإسلام" وحركة "أحرار الشام" تنظيمات إرهابية لا يصح الجلوس معهما على طاولة المفاوضات السورية.
وبشأن موقف الأكراد، قال لافروف "إن إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي عن قيام نظام فدرالي في شمال سوريا لا يسر أحدا"، لكنه ربط هذه النزعة بموقف تركيا" التي تصر على استبعاد الأكراد من مفاوضات جنيف".
وأعلنت مجموعات كردية، مؤخرا، تطبيق النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم بشمال سوريا، خلال اجتماع عقدوه بمدينة رميلان بمحافظة الحسكة، الأمر الذي رد عليه كل من النظام والمعارضة بالرفض.
وأوضح لافروف أنه قال لـ كيري مؤخرا إن "موسكو تعتبر أن الجانب الأمريكي يحاول أن يخدعها، لكن الوزير الأمريكي نفى ذلك وتعهد بأن التنسيق الفعلي بين العسكريين الأمريكيين والروس بشأن سوريا سيبدأ في نهاية المطاف".
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو دعا واشنطن للعمل المشترك ضد "الإرهابيين" في سوريا، مؤكدا حق موسكو في استهداف الفصائل التي لن تنضم للهدنة قبل هذا الموعد.
كما قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر، الثلاثاء الماضي, إن بلاده تركز حاليا بالتعاون مع روسيا لاستمرار وتقوية (اتفاق) وقف الأعمال العدائية داخل سوريا.
وتشهد "الهدنة" الشاملة في سوريا , والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 27 شباط الماضي, بعد أن توصلت موسكو وواشنطن إلى الاتفاق بشأنها, "تراجعا كبيرا", في ظل تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية ، حيث تتبادل الأطراف اتهامات بالمسؤولية عن وقوع خروقات مستمرة.
يشار إلى أن اتفاق الهدنة يستثني تنظيمي "داعش" و "جبهة النصرة" من وقف الأعمال القتالية, حيث ستستمر الأعمال العسكرية ضدهما.
سيريانيوز