مشكلة النظام العربي بعد انهيار الدولة العثمانية..

16.03.2021 | 20:35

المشاكل التي تعيشها المنطقة حقيقة لها جذور قديمة تعود للقرن التاسع عشر والثامن عشر حتى، وهي تتعلق بشرعية الانظمة القائمة والقوة الذاتية التي يتمتع بها الحاكم في المنطقة..

هناك حد فاصل في تاريخ منطقتنا يمكن ان اقسمه كالتالي.. قبل انهيار الدولة العثمانية وبعد انهيار الدولة العثمانية..

شاهد التقرير مصور .. اضغط هنا 

تاريخ الدول التي قامت في المنطقة من قبل الفتوحات الاسلامية وحتى نهاية الدولة العثمانية كانت ذاتية القوة.. بمعنى ان الحاكم يستمد شرعيته من قوته.. ويفرض سيطرته ويحصل على مبايعة السكان من خلال هذه القوة الذاتية..

وهذا ينسحب على الدول التي نشأت في المنطقة قبل الاسلام وعلى الدول الاسلامية من اموية وعباسية وعثمانية وما كان ضمن هذه الفترات من دول طارئة او دول في اجزاء متفرقة المماليك والايوبيين والسلاجقة والفاطميون والدولة الحمدانية.. الخ

كان زعيم، امير، ملك، خليفة.. ينتزع الحكم بقوته ويفرض حكمه ويكتسب الولاء..

والدولة العثمانية كانت اخر هذا النموذج.. فهي دامت اكثر من 600 عام ومنطقتنا كانت في كنفها لمدة  400 عام، كان الحاكم فيها السلطان والخليفة وهو سيطر على اراض في ثلاث قارات بفعل كما ذكرت القوة الذاتية.. هذا مهم يجب ان نحفظه..

وكانت الدولة الاسلامية عموما والعثمانية اخرها، عسكريا (بغض النظر عن المجالات الاخرى الاجتماعية والثقافية).. من اقوى دول العالم هذا واضح في الدولة الاموية والعباسية في بدايتها.. وكذلك في العثمانية من ايام سليمان القانوني وحتى نهاية الحرب العالمية الاولى.

حتى في الحرب العالمية الاولى كانت الدولة العثمانية واحدة من الدول العظمى التي دخلت الحرب بجانب المانيا.. اذاً لم تكن دولة "نكرة".. كانت حتى العام 1914 ورغم كل شيء قوة عظمى..

ولكن في المقابل فان الضعف بدأ يتسلل اليها منذ القرن الثامن عشر وما نتج عنه تدخل الدول الاجنبية في شؤونها بحجة حماية الاقليات والرعايا (ما عرف باسم الامتيازات الاجنبية) وكانت هذه البداية، والنهاية كانت بتحالف الشريف حسين قائد ما عرف بالثورة العربية مع الانكليز ضد الدولة العثمانية..

الشريف حسين بغض النظر عن رؤيته ونوايه.. في الواقع ومن خلال الوثائق والمراسلات كان هو وجيشه (الجيش العربي) جزءا من الجيش الانكليزي في الحرب العالمية الاولى.. بالتمويل والسلاح والاستخبارات والتدريب والطائرات.. كان فرقة من فرق الحلفاء..

خطورة الموضوع ليس في توصيفات الخيانة وغيرها ام هو كان يريد تحرير العرب ام خان دولته العثمانية..

المهم انه عندما خسرت الدولة العثمانية وكانت الغلبة للحلفاء الذين استخدموا الشريف حسين في منطقتنا لهزيمة العثمانيين.. تحولت القوة الذاتية التي حكمت هذه الارض عبر التاريخ الى قوة وكيلة.. تابعة.. وسقطنا في فخ التبعية منذ ذاك الوقت..

لهذا عندما اعلن الامير فيصل استقلال سوريا في 8 آذار عام 1920 ( شاهد )، لم يقبل الانكليز وامروه بمغادرة سوريا فغادر ونصبوه ملكا على العراق فكان ملكا على العراق..

ووقعت المنطقة تحت الاحتلال المباشر بحجة الانتداب.. وبعد الانتداب لم تمتلك الشعوب تلك القوة الذاتية التي كانت تحكمها عبر القرون الماضية.. بقيت السلطات سلطات وكيلة لقوى خارجية تتحكم في المنطقة وهذه القوى تفضل فردا قويا وحشيا يضبط الامور.. لا يقول له الناس لا.. ويسير الامور كما تريد القوى الاصيلة ذات السيطرة الفعلية..

مع الاسف الى تاريخ اليوم لم تستطع الشعوب في منطقتنا التخلص من هذه التبعية، لم تستطع تغيير النظام الذي تشكل بعد الحرب العالمية الاولى وبقي اسير القوى الكبرى..

حتى لا يزاود علي احد.. انا لا ادعو لعودة الدولة العثمانية.. العودة اليوم هي استبدال قوة مسيطرة بقوة اخرى.. كانت تركية او ايرانية او فرنسية.. يعني الدوام على نفس الحال..

الحل يبدأ في ان نفهم ما جرى نعرف اين نحن في الواقع ونتصرف بناءا على فهم صحيح لمشكلتنا.. هذا ما يمكن ان يفيد..

نضال معلوف



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved