القصة حول "فطير" يخبزه اليهود في عيد فصحهم ممزوجاً بدم مسيحي أو مسلم بعد قتله وتصفية دمه صحيحة وكشف عنها جريمة* وقعت في حارة اليهود في دمشق في العام 1840 وفي هذا الجزء يعترف احد الشركاء بتفاصيل الجريمة البشعة ..
واختفى الراهب توما في حارة اليهود وكذلك اختفى خادمه عندما ذهب ليسأل عنه ودارت الشبهات حول سليمان الحلاق الذي وجد ورقة من الاوراق التي كان البادري يقوم بلصقها لامر يخص الكنيسة ملصوقة على جدران محله بطريقة مريبة .. وبعد الاخذ والرد والتضيق اعترف سليمان الحلاق بتفاصيل الجريمة المرعبة التي ارتكبها مجموعة من السكان اليهود جلهم من عائلة "هراري" .. نص محضر التحقيق :
يوم الجمعة 25 ذي الحجة سنة 255 من كونه قد ازداد تقوي الشبهة على الحلاق بكونه يعلم حقيقة فقد البادري توما، ومن كون المتهومين لم يزالوا بالانكار، فاقتضى. أحضر سليمان الحلاق المذكور وتضايق عليهِ بالكلام، وزيد بالتطمين بحيث يقر الصحيح عن الكيفية، وغب محاولة ومحاولة كلية التزم المذكور أن يقر عن ذلك، كما يأتي شرحهُ بحضور جناب حاذق بك ميرالاي، جي طوبجي سواري، وجناب قونسلوس دولة فرنسا بالشام، والخواجا بودين كنسلير فرانسا، والخواجا مسارى حكيم سعادة حكمدار باشا، وهو:
أن داود هراري بعد المغرب بنصف ساعة أرسل احضرني مع خدامه من الدكان، فحضرت إلى بيته وجدت عنده هرون هراري واسحق هراري ويوسف هراري ويوسف لنيادو وحاخام مشون أبو العافية وحاخام مشون بيخار يهودا وداود المذكور صاحب البيت والبادري توما مربوط.
فقال لي داود هراري وأخيه هرون قوم اذبح البادري، فقلت لهم لا أقدر. فقالوا لي اصبر، وقاموا أحضروا سكين وأنا بطحتهُ بالأرض ومسكته أنا والبقية، ووضعت رقبته على طشت كبير. وأخذ داود السكين وذبحهُ وكمل عليه هارون. وأخذوا دمه بالطشت ولا دعوا نقطة تروح خارج الطشت.
وبعد ذلك سحبناه من المربع الذي ذبحناه بهِ إلى خلافه، وهو الذي فيهِ الخشب، وشلحناه الأواعي وحرقوهم بالنار، وقد حضر خدام داود هراري ونظره بالزلط بالمربع الذي فيهِ الخشب، والسبعة المرقومين قالوا لي وإلى الخدام قطعوه قطع. سأَلناهم إلى أين ندفره أجابوا بأنكم ارموه في نهر المالح.
وصرنا نقطعهُ قطع قطع، ونوضعهُ بالكيس مرة بعد مرة، ونرميه على نهر المالح. والمالح الذي رميناه بهِ هو راس حارة اليهود جانب بيت مشون أبو العافية، وبعده رجعنا إلى بيت داود. فقالوا إلى الخدام أنهم هم يزوجوه من كيسهم، وأنهم يعطو لي دراهم. وتوجهت لبيتنا.
سئل من سليمان أن عضمه كيف عملتم به؟ جاوب أن عضمه وضعناه على البلاط وكسرناه بيد الهاون.
سئل يا ترى ما دفعوا لك شي؟ جاوب بأنهم وعدوني أنهم يعطوني دراهم، وإن حكيت يرموني بدعوى القتل. والخادم وعدوه أن يزوجوه كما قررت.
سئل من سليمان المذكور، أنهُ يا ترى الكيس الذي كنتم توضعوا الشقف فيه ماذا هو؟ وهل الكيس واحد أم اثنين؟ وهل كنت وحدك تحمل أم أنت تأخذ كيس والخادم يأخذ كيس؟ وما هو لونه؟ جاوب أن الكيس هو مثل كيس البن جنفاص لونه مزرق وهو كيس واحد وليس اثنين، وكنت أنا والخادم نتعاون على الحمل، وما كان معنا سوى كيس واحد.
سئل أنهُ يا ترى كيف كنتم تعاونوا بعضكم بالحمل؟ جاوب أنهُ أوقات نتعاون اثنينا بحمله، أوقات أنا أحمل بيدي لوحدي، وأوقات يحمل مراد الخادم وحده.
سئل أنه يا ترى الكيس بعد ما أن خلص النقل أين وضعتوه؟ جاوب أنه وضعناه في بيت داود هراري.
سئل أنه من تقريرك ظهر أنهُ ذبحتم البادري وضعتم دمه بطشت وما راح منه نقطة واحده، فيا ترى بعد أن سحبتوه للمربع التاني وقطعتوه ما طلع منه دم وانتم عمالين تقطعوه؟ جاوب أنه من لهجته ما وعي انكان نزل منهُ دم أم لاء.
سئل أنه يا ترى المربع الذي قطعتوه به أي شي مفروش؟ وهل هو بلاط أم عدسه؟ جاوب أن المربع خربان وفيه تراب وخشب فقط، والقطع حصل على التراب.
سئل منه أن آلات جوفه [أعضاؤه الداخلية] كيف عملتم بهم؟ وكيف شلتوهم؟ وهل قطعتوهم؟ وماذا عملتم بما داخله؟ وكيف حملتوه؟ جاوب أن آلات جوفه قطعناهم بعفشها جميعها، ووضعناها بالكيس وأخذناها رميناها بالنهر المالح.
سئل أنه الكيس المرقوم ما نزل من داخله شي من العفش الذي داخل الجوف؟ جاوب أن كيس القهوة متى انبل بماء لا ينزل منهُ شي قطعاً.
سئل أنه وقت تقطيع البادري اكم واحد كنتم الذي تقطعوه؟ واكم سكين معكم؟ وما أجناس السكاكين المرقومة؟ جاوب أنه هو والخادم الذين قطعوه، والسبعة المرقومين هم يعرّفونا كيف نقطّعه، وكان معنا سكين واحدة فقط، أنا أقطع بها والخادم أيضاً كلما تعب منا واحد ياخذ الآخر، وجنس السكين هي مثل سكين اللحام، وهي التي صار الذبح بها.
سئل أن السكين ماذا عملتم بها؟ جاوب أننا دشرناها بالبيت.
سئل يا ترى بعد أن قطعتوه فالبلاط الذي كسرتم عليه العضم أين هو؟ جاوب أنهُ على البلاط فيما بين المربعين.
سئل أن المحل الذي فيما بين المربعين لازم يكون مسقف، جاوب أنه عن المحل المرقوم مسقف.
سئل أنهُ حين كسر الراس لازم أن النخاع يخرج منه فكيف عملتم به؟ جاوب أن النخاع أيضاً حملناه مع العضم.
سئل منه أنه وقت الذبح هل كان الخادم حاضر أم لاء؟ وإذا ما كان حاضر بأي وقت حضر؟ ومن فتح له الباب؟ جاوب أنه حين الذبح ما كان حاضر، وإنما حضر حين كان البادري بالمربع الثاني بالزلط، وأحدهم الذي فتح له الباب.
سئل منه يا ترى غير السبعة أنفار المرقومين وأنت والخادم هل كان خلافكم بالبيت من حريم أم خلافهم؟ جاوب أنه ما نظر أحد خلاف السبعة، وهو والخادم.
سئل منهُ يا ترى أن الذبح بأي ساعة حصل بوجه التخمين؟ وكم مقدار اقامتكم بهذه العملية حتى خلصتم منها؟ والدم بعد نهاية تصفياته أين وضعوه؟ جاوب أن الذبح حصل بالتخمين وقت العشا، أم بعد العشا بشي جزوي، واستقام على الطشت لحينما تصفى الدم نصف ساعة، أم تلتين الساعة، ونقلناه إلى المربع الثاني بعد العشا بساعة ونصف، والخادم حضر وهو بالزلط إلى المربع الثاني الذي فيه الخشب، وحين خلاصنا من هذه العملية كانت الساعة 8 أو أكثر أو أقل. وأما الدم ترك بالطشت بالمربع المفروش وانصرفت من العملية وما أعلم ماذا عملوا به، لأن الخادم بقي في بيت معلمه بعد توجهي.
سئل بأي محل تشلح من حوايجه؟ ومن الذي شلحه؟ جاوب أن تشليحه حصل بالمربع الذي قطعناه به، والذي شلحوه داود وهرون والبقية حاضرين.
سئل أنه يا ترى ماذا كان توبه وحزامه؟ جاوب أن توبه أسود ،وأنما ما مسكه بيده، وحزامه العادة حبلة بيضا.
سئل منه محل نهر المالح الذي رميتم به قطع اللحم؟ هل هو مكشوف أم مغطى؟ وإذا كان مغطى كيف كشفتوه؟ جاوب أنه بفم سوق الجاج، جانب بيت حاخام مشون أبو العافية، وأنه موجود بلاطه إذا انقامت يظهر تحتها النهر المرقوم، فدفشنا البلاطه ورميناه.
فاستحضر مراد الخادم لوحده، وسئل منه كيف حصل بقتل البادري توما، وغب التأكيد والتدقيق والتأمين لهُ قرر:
يتبع ..
سيريانيوز
* رغم ان القصة قد لايصدقها عقل بشري الا انها حقيقية وتم توثيقها من خلال الباحث اللبناني أسد رستم (1879 ـ 1965)م، في كتاب نادر موجود في مكتبة سيريانيوز ، يدعى "الأصول العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا" في جزئه الخامس تحديداً، من منشورات الجامعة الاميركية في بيروت كلية العلوم والاداب ، نقلها الباحث عن سجلات المحكمة الشرعية بحلب وأنطاكية وحماة ودمشق في سنة 1927م.