مقسوم لا تاكل وصحيح لا تقسم.. هل يمكن اتمام الحل السياسي في سوريا بدون مشاركة النظام؟!

28.11.2020 | 15:34

في كل مرة تخطو المعارضة (أي فصيل من المعارضة) خطوة نحو النظام في إطار المسار السياسي للوصول إلى حل في سوريا، نجد حملات الغضب والانتقاد والتخوين انتشرت، ونجد على رأسها معارضين آخرين من طيف آخر!..

والغريب بأنه متى ما ذكرنا موضوع "الحل السياسي" أو "مسارات الحل السياسي" المتعددة فإنه لزوما علينا أن نقبل بوجود طرفين.

والمفروض أن المعارضة، التي تمثل جزءاً من الشعب السوري الذي خرج على النظام وثار عليه ولا يقبل باستمرار حكمه، بمرجعياتها المتعددة، هي الطرف الأول، والطرف الثاني هو النظام ومن يمثله.

كل القرارات الدولية من جنيف 2012 إلى القرار الاساسي المطروح في عملية التسوية السياسية الصادر من مجلس الأمن 2254 والمسارات التي ظهرت بعدها سوتشي واستانة.. إلخ، تتكلم عن أطراف، غالبا أطراف كثر في المعارضة، يشكلون طرفاً أساسياً، وطرف آخر هو النظام.

لم يصدر قرار دولي في تاريخ الازمة السورية (أو إقليمي أو تفاهم موقّع من أطراف إقليمية أو دولية) يقول بأن الحل السياسي يبدأ من إنهاء النظام في سوريا.

واذا كان هذا ما يفهمه البعض من موضوع الحل السياسي، لماذا إذاً نحن بحاجة لقرارات ومفاوضات واجتماعات.. إذا انتهى النظام السوري.. أين تبقى المشكلة.. لا يبقى لدينا مشكلة (سياسية) في سوريا؟
 

المسار السياسي الذي يرسمه قرار مجلس الأمن 2254 ينص فيما يخص بعملية التغيير السياسي في سوريا، بأن يتم إنشاء هيئة حكم انتقالية تنفيذية كاملة الصلاحيات، وضع دستور، وإجراء انتخابات يشارك فيها كل السوريين في الداخل والخارج.

هذا باختصار، والمهم في هذا المضمون بأن هذا المسار يجب أن يتم بتوافق الأطراف، مرة أخرى، المعارضات من طرف والنظام من طرف آخر، وليس المعارضات لوحدها!!
أي أن هيئة الحكم الانتقالية يجب أن تشكل من خلال اتفاق المعارضة والنظام، والدستور يجب أن يوضع بمشاركة المعارضة والنظام، وتجرى الانتخابات بمشاركة المعارضة والنظام.. مرة أخرى لم تستسنِ القرارات الدولية النظام من أي جزئية في مسار الحل السياسي!

الآن إذا كنا لا نقبل بوجود النظام في مسار الحل السياسي (وعموما لا يبقى هناك أزمة لهذا المسار) علينا أن نرفض كل القرارات الدولية، ونعلن بأنه لا حل في سوريا إلا برحيل النظام.. أنه لا يمكن أن يكون هناك عمل سياسي لحل الأزمة السورية إلا بعد أن يرحل الرئيس وتحل الأجهزة الأمنية ويعود المهجرين واللاجئين.. ومن ثم "نشتغل سياسة"!!
نعم هناك كثير من المعارضين هذا هو منطق حديثهم.. ولا أفهم إذا حصل كل هذا.. ما مبرر وجود الأطراف أصلا.. ما مبرر وجود المعارضة؟!

يمكن أن نفهم أن يكون هناك عدم رضى عن هيئات تمثل المعارضة، أو بشكل أدق تمثل القسم من الشعب السوري الذي لا يريد النظام، ويمكن أن ننظر بارتياح بأن هذا الجزء يريد أن يصل إلى تمثيل حقيقي له، تمثيل أفضل يعبر عن طموحه ومصالحه، يمكن أن يستمع الواحد منا إلى طروحات عن تغير الهيئات والشخوص وقلب الأمور في طرف المعارضة رأسا على عقب.. هذا مقبول وربما ضروري..
ولكن كائنا من كان سيأتي ليكون ممثلا لهذا القسم من الشعب السوري (المعارض للنظام)، سيكون مضطرا وفق القرارات الدولية بأن يعمل معه (مع النظام) في كل المراحل للوصول إلى إحداث تغيير في بنية الحكم في سوريا وآلياته..
بالطبع يجب أن نوضح بأن الغاية النهائية من العمل مع النظام ليس لترسيخ حكمه، وإنما للانتقال إلى واقع جديد، إلى نظام جديد، خطوة إلى الأمام في طريق إنهاء الحكم الديكتاتوري..
وكان الهدف في بداية الحراك الشعبي عام 2011 هو قلب هذا النظام وإزاحته، هذا صحيح.. ولكن مع الاسف لم ينجح الحراك لاسباب لا مجال لذكرها هنا في الوصول إلى هذا الهدف..
واليوم الهدف هو العمل مع هذا النظام بكل ما نعرفه عنه، من ارتكابه لجرائم، من سوء إدارته للأزمة، من اتخاذه الشعب السوري (المؤيد) رهينة، من تأجيج الصراع وتمزيق البلد وتشريد أهله ليحتفظ بالسلطة، بكل هذا الذي نعرفه.. القرارات الدولية تلزم المعارضة بالتعامل مع هذا "الكيان" مع هذا "الجسم" الذي يطلق عليه اسم "النظام" للوصول إلى حل للازمة الإنسانية التي لم يشهد العالم مثلها مثيلا منذ عقود طويلة..
وبالطبع يمكن للمعارضة في حال كان الجمهور المعارض لا يرغب في المضي في هذا الطريق، أن ترفض العمل مع النظام، وهذا يعني أنها ترفض القرارات الدولية، وتقف في مواجهة الإرادة الدولية للدول المتدخلة في الشأن السوري، وعمليا اليوم تسيطر على القرار فيه..
وهنا يجب أن نتأكد بأن هذا (الرفض) يمثل إرادة الجمهور المعارض وفق آليات مضبوطة ودقيقة، ويجب أن يكون لدينا تصور كيف يمكننا تحقيق هذا الهدف، كيف يمكن أن نهزم النظام والدول التي تريد مساراً محدداً تمضي به القضية السورية.. مساراً يصل بنا إلى "النصر" وتخفيف المعاناة عن الناس التي لم يعد لديها أي شيء لتقدمه لنا.. في وقت قريب!؟

نضال معلوف
لمن يفضل المقاطع المصورة على القراءة يمكن الاشتراك بقناة اليوتيوب ليصلك كل جديد.. 

أشترك هنا 



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved