يقودنا بحثنا الدائم عن الأفضل، ويتحكم بسلوكنا بطريقة لا شعورية، وقد يبدو بأوضح صورة، خلال عملية التسوق وانتقاء المنتجات ذات الجودة العالية، ورغم الحرب التي عصفت بالبلاد، لم يتخل المواطن السوري عن شغفه بالمنتج المميز، بما يتناسب مع دخله وقدرته الاقتصادية، لكن هل كان التاجر أهلاً للمسؤولية وحافظ على ثقة المستهلك، أم استغل ضعف مستوى المعيشة والرقابة ليحقق أعلى المكاسب بغش بضاعته؟
ليست فترة الحرب وحدها، لكنها الأبرز، في ابتكار طرق وأساليب للغش والتزوير، طالت مختلف أنواع السلع والبضائع في السوق، في غفلة عن عين الرقابة، غير المتناسبة كماً ونوعاً مع حجم السوق المحلية، حيث أوردت صحيفة "الثورة" الرسمية في عددها الصادر يوم الثلاثاء، غيض من فيض مما يحدث في السوق، بعد الاطلاع على محاضر ضبوط تموينية في مديرية تجارة ريف دمشق.
- زيت الزيتون يتم غشه من خلال الغش بنوعية الزيت وارتفاع أو انخفاض درجة البيروكسيد، وبالتالي بيع المادة نخب ثاني على أنها نخب أول للاستفادة من الفارق السعري، أو مزج الزيوت النباتية وإضافة أصبغة صناعية وأصنصات لا تصلح للاستهلاك البشري، تعطي اللون والرائحة القريبة من المادة الأصلية حيث تنخفض درجة البيروكسيد لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
أما الزيت الأبيض، فيتم مزجه بمواد أخرى، يظهر نتيجته عند الاستخدام، حيث يكون سريع التبخر.
- مادة الزعتر، التي يفترض أن تكون مصنوعة من أوراق الزعتر والسمسم، يلجأ البعض إلى أوراق وبذور النباتات أو تفل حبة البركة وقشر الكمون أو قشور بذور البطيخ الأسود ودوار الشمس وطحنها بإضافة السمسم مع نسبة قليلة من مادة الزعتر لإضفاء النكهة عليها وبيعها على أنها زعتر أصلي وقد يدون عليها لصاقات لبعض أسماء المنتجات الرائجة في الأسواق.
- التونا، تبدأ عملية غشها بداية من استيراد أنواع سيئة ويكون من نوع الطحال، أسوأ الأنواع، وتباع محلياً بأسعار فلكية، فضلاً عن التلاعب بتاريخ الصلاحية، وإعادة التعبئة بتواريخ جديدة، أو بإضافة مواد ليست من أصل تركيب المادة، كوضع مثلا مبشور الجزر مع مربى المشمش، أو إضافة مادة النشاء، إضافة إلى الأصنصات كمكثفات صنعية ومواد حافظة، وبالتالي المخالفة في تركيب المادة وانخفاض نسبة المواد الصلبة فيها كما في حالة المربيات بأنواعها.
ويمكن اكتشاف المعلبات المغشوشة، بملاحظة انتفاخ العبوة قبل فتحها، أو قد يظهر عليها مادة الصدأ من الداخل، أو من مظهر المصل الموجود فوق المادة مثل المرتديلا، وأحياناً يتغير لون المادة أو يخرج رائحة كريهة بعد فتحها لا تتطابق ونوعية المادة، وهذه كلها غير صالحة للاستهلاك ويجب إتلافها.
- الفروج يكون الغش عبر بيع المبرد على أنه طازج كأول وأبسط طريقة، كما قد يتم حقن مفاصل الفروج ونقعه بالماء كي لايتسرب إلا أثناء الطبخ، حيث يتفاجأ المستهلك أنه اشترى فروج وزن /3/ كيلو مثلاً وبعد الطبخ يجد وزنه لا يتجاوز /2/ كيل، ولأن المياه التي حقن بها جفت أثناء الطهي وتتراوح كمية الماء المحقون والمنقوع بين ربع وثلث وزن الفروج.
- السمك، فمعظم أنواع السمك في أسواقنا، لامواصفات لها وهي من الصنف الرديء ويتم دخولها إلى أسواقنا بوسائل مريبة، مثل التهريب من لبنان لأنواع سيئة جداً.
- اللحوم الحمراء، تبدأ عملية غشه عبر الفرم أولاً ومزج أكثر من نوع من اللحوم، فمثلاً يخلط لحم العواس بلحم الجاموس أو الدجاج أو الماعز او البقر ويباع للمستهلك على أنه عواس بلدي صافي، كما قد يتم استخدام الأصبغة، وهو ما تلجأ إليه بعض المطاعم وليس فقط الجزارة.
- غش الحليب يكون بخلطه بالماء، كما يجري حالياً استخدام الحليب البودرة عوضاً عن الحليب وسحب الدسم الطبيعي منه إن وجد، وإضافة مادتي النشاء والدسم النباتي إليه أحياناً، ونقله مكشوفاً دون مراعاة لشروط النقل والحفظ المبرد ما يؤدي إلى إشباع المادة بالجراثيم الهوائية بسبب النقل والحفظ غير السليم.
وما يقاس على الحليب يقاس على الألبان والأجبان لأنها مصنوعة من حليب البودرة مع إضافة مادتي النشاء والدسم النباتي، وقد تكون هذه المواد منتهية الصلاحية أو فاسدة وتباع للمستهلك على أنها مشتقات طازجة وتكون بلا نكهة وبلا طعم.
- مسحوق التنظيف المستخدم للغسالات يتمثل الغش فيه بداية بانخفاض نسبة المادة الفعالة عن الحد المطلوب وفق المواصفة القياسية السورية أو إضافة مواد مالئة بدل المواد التركيبية الأساسية حيث يضاف الملح للتلاعب بالوزن.
- الصابون، يضاف إليه زيوت مستعملة وفاسدة وقد يستخدم في عملية الغش الزيوت المحروقة التي يتم تنسيقها من محلات بيع الوجبات الجاهزة والمطاعم، والعديد من الماركات المشهورة في أسواقنا بالنسبة للصابون أو حتى مساحيق الغسيل مزورة وإنتاجها غير صالح مواصفاتياً حيث يتم وضع لصاقات على المنتج تحمل علامات ماركات ذائعة الصيت وموثوقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مديرية التجارة الداخلية في ريف دمشق نظمت خلال الثلث الأول من العام الحالي، 3 آلاف محضراً، ونفذت 50 حالة إغلاق لمعامل ومنشآت ومحال ومستودعات ومحطات وقود لارتكاب أصحابها مخالفات جسيمة، بينما نظمت ألف محضر ضبط سحب عينات لمواد غذائية وغيرها من الأسواق وإحالتها للمخابر المختصة للتأكد من سلامتها ومطابقتها لمحتويات لصاقة البيان والمواصفة القياسية المتبعة.
فيما بلغ إجمالي الضبوط العدلية حوالي 2000 ضبط، شملت محطات الوقود وموزعي الغاز والمازوت بمخالفات النقص بالكيل والبيع بسعر زائد والاتجار غير المشروع بالمادة في السوق السوداء.
يشار إلى أن مدير التجارة الداخلية في ريف دمشق لؤي السالم أكد وجود نقص في عدد المراقبين التموينيين لدى المديرية، حيث لا يتجاوز عدد المراقبين 30 مراقباً، مطلوب منهم تغطية جميع الأسواق والفعاليات التجارية ومحطات بيع وتوزيع المحروقات إلى متابعة عمل المخابز والأفران التموينية.
سيريانيوز