ازمة وزارية حدثت بسبب "بيت مي"

08.11.2018 | 01:55

قصة وقعت في السرايا شعر بها كل الموظفين

في عام 1931، وفي شهر تشرين الأول وقعت في دمشق ازمة وزارية خطيرة، وقد طويت صفحة ذلك العام واسدل الستار على تلك الازمة ولا احد يعلم عن سببها والباعث الحقيقي اليها الا الوزراء انفسهم وبعض المقربين منهم، وتفصيل هذه الازمة ان في الطابق الثاني من السرايا دائرة "لبيوت الخلاء" وكان لرئيس الوزارة وحده "بيت مي" خصوصية تقفل دائما فلا يقترب احد منها بينما كانت بقية "الدور" مفتوحة لمن يريد.

وحدث مرة ان اضطر وزير الداخلية وكان المرحوم جميل الالشي ليقضي حاجته، فذهب الى تلك "الدور" ونقر على باب "بيت المي" الأولى فسمع من داخلها صوت (احم).. ونقر على الثانية، فسمع مثل هذا الصوت أيضا.. ونقر على الثالثة والرابعة فكانتا مشغولتين أيضا.. ولما كان الوزير متضايقا جدا رجع بحدة الى غرفته ونادى الى الآذن. وقال له: اسرع واحضر لي مفتاح "بيت مي" الرئيس..

وذهب هذا الى آذن الرئيس وطلب منه المفتاح لأجل وزيره ولكن هذا رفض تسليمه المفتاح بحجة ان "بيت مي" الرئيس لا يجوز ان يدخلها الا الرئيس وحده...

وهنا تضايق الوزير وارسل شرطيا يطلب احضار احد النجارين حالا وبعد برهة وجيزة عاد الشرطي الى السرايا ومعه شيخ النجارين، فقابل الوزير وقال له: امر يا معالي البيك.

قال له: اذهب حالا وانزع القفل عن باب "بيت مي" الرئيس ثم ضع قفلا على باب "بيت المي" الثانية.

فذهب النجار ونفذ أوامر الوزير، فخلع القفل عن باب "بيت مي" الرئيس حتى يستطيع معاليه ان يقضي حاجته أولا ثم وضع قفلا على باب "بيت المي" الثانية..

وهكذا صار لرئيس الدولة وكان المرحوم الشيخ تاج  الدين"بيت مي" خصوصية. ولوزير الداخلية "بين مي" خصوصية بجانب "بيت مي" الرئيس.

واضطر الأستاذ محمد كرد علي، وكان وزيرا للمعارف ان يذهب الى دائرة "بيوت الخلاء" فوجد اول "بيت مي" مقفلة، فسال، لماذا هذه مقفلة، قالوا له هذه "بيت مي" الرئيس، فلا يسمح لاحد بدخولها..

ثم سال عن الثانية ولماذا هي مقفلة أيضا، فقالوا له:

وهذه "بيت مي" وزير الداخلية، فهاج الأستاذ وماج ثم جمع زملاءه وكانوا: بديع المؤيد وشاكر الحنبلي وتوفيق شامية واخذ يحرضهم ويقول: لماذا هذا الاستهتار، هذا ما هو معقول ابدا، اما ان يكون لكل وزير "بيت مي واما ان تكون جميع بيوت المي" حرة ومفتوحة.

لكن لا وزير الداخلية كان يقبل بحرية "بيوت المي" ولا "بيوت المي" الموجودة كانت تكفي لعدد الوزراء..

وحاول الشيخ تاج، رحمه الله ان يلفلف هذا الموضوع ويستر طابقه، فلم يتمكن، وهكذا نشأت الازمة، وصار كل وزير يضمر لزميله الحقد والعداء وصار كلما عرض على مجلس الوزراء بحث من البحوث مهما كان بسيطا، يتكهرب الجو في دراسته ومناقشته حتى انتهت القضي الى ازمة وزارية استقالت فيها الوزارة، وكان السبب الحقيقي والاساسي في كل ما حدث يعود الى قضية "بيوت المي".

نشرت هذه المادة تحت زاوية " قصص من تاريخنا الهزلي " في عدد 18 تشرين الثاني من العام 1962.

سيريانيوز


صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية).

اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت.

أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966.


TAG:

الخارجية: بيان الدول الأربع دليل على الاستمرار في سياساتها العدائية ضد سوريا

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، اليوم الاحد، البيان الذي اصدرته حكومات دول امريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في الذكرى الـ13 "للثورة السورية"، مؤكدة ان الدول الأربع مستمرة في سياستها العدائية تجاه سوريا.