وجهة نظر مع نضال معلوف

إعادة صناعة الديكتاتور..

12.11.2025 | 15:12

قضيت في الايام الماضية وقتا طويلا في محاولة تفسير حالة الاستلاب التي تعيشها معظم النخب السورية في هذه الايام اتجاه الشرع ووجدت ان ما يجري في سوريا من حالة تقديس للرئيس هو ظاهرة يصفها علم الاجتماع السياسي ضمن أربع نظريات رئيسية:

متلازمة القائد– المعلم (Leader-Teacher Syndrome)

هالة السلطة (Power Halo Effect)

الاستلاب الجمعي (Collective Captivity)

الطاعة القسرية المتوارَثة (Inherited Compliance)

هذا حدث في الاتحاد السوفيتي، وكوريا الشمالية، ورومانيا تشاوشيسكو، وعراق صدام، وليبيا القذافي، وإريتريا، والعديد من الأنظمة التي يتحوّل فيها “القائد” إلى وظيفة نفسية، وليس فقط سياسية.

ما يجري اليوم ليس طبيعيا لأن الرئيس لا يجب أن يكون معلما ولا أبا روحيا ولا مرجعية فكرية ولا يتوقع منه إبداء خبرة في كل شيء، وأساسا لا أحد يطلب منه تفسير كل علم!!

الرئيس هو موظف منتخب، يحاسب، ويخطئ، ويستجوب، ويسخر منه الإعلام.

الرئيس باختصار ليس مرجع معرفي فوق كل التخصصات.

وبعد أن بحثت كثيراً في الامر لأجد إجابة لماذا يصفق المختصون رغم أن الكلام "غير علمي"؟، وجدت هناك ثلاث آليات نفسية هي:

الخوف المؤسسي، فأية كلمة مخالفة قد تدمر حياة الشخص، حيث في أغلب الدول السلطوية، الصمت يساوي النجاة.

تأثير الكاريزما القسرية، أي أن النفوذ والأمن والقوة ينتجون هالة نفسية تجعل الحاضرين، يبالغون في الاحترام ويكتمون نقدهم ويتفاعلون رغم قناعتهم الداخلية بأن الكلام بلا قيمة.

الانغماس في دور "الولاء العلني"، الولاء هنا ليس قناعة بل أداء يجب أن تظهر الولاء أمام الرئيس بغض النظر عن قناعتك في الداخل.

فالظروف التي مر بها السوريون في حكم الأسد الأب والابن تخلق حالة تشبه فعلًا التجربة المخبرية الجماعية فالشعوب في ظروف الضغط الطويل تفقد القدرة على تقييم المنطق تصبح الاستجابة للسلطة أمرا تلقائيا.

وبالفعل يمكن اعتبار ما يحصل اليوم في سوريا يشبه تجربة بشرية مخبرية.

وجدت أن هناك مصطلح في علم النفس السياسي "Mass Conditioning Under Crisis" "التهيئة الجمعية تحت الضغط".

وهو يوصف حالة بلد يعيش صدمة، فيأتي نظام يفرض سردية جديدة وإعلام يزرع صورة محددة مع غياب البدائل وتعب جماعي وخوف عام ورغبة في الاستقرار وإعادة تشكيل لصورة القائد، في النهاية بحسب علم النفس حتى الشخص المتعلم يبدأ يتصرف بطريقة غير عقلانية ليس لأنه مقتنع بل لأن "العقل الجمعي" حوله يتصرف كذلك.

لذلك يمكن وصف مشهد "الرئيس الذي لا يمتلك اختصاصاً ويحاضر المختصين"، بأنه مسرح للسلطة حيث الهدف ليس الإقناع، بل "العرض" وإعادة إنتاج الهيبة، الكل يعرف أنه كلام غير علمي.. لكن لا أحد يجرؤ أن يعترض، وهو نموذج مُتكرر منذ الطفولة "القائد دائماً على حق".

وبالنسبة للرئيس هو يعاني نقصاً معرفياً يسعى لتعويضه عبر السيطرة والظهور المتواصل أمام المختصين.

 

نضال معلوف


TAG:

فيدان: نركز على العمل من أجل رفع العقوبات الأميركية على سوريا بشكل دائم

اعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مساء الاثنين، ان تركيا تركز على العمل من أجل رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا بشكل دائم، خصوصاً تلك المرتبطة بـ"قانون قيصر"، بهدف دعم التعافي الاقتصادي للبلاد.