من شهداء ايار.. الى حكام الطبل والزمر والهيلمة!؟..

في هذه المناسبة اعتدنا على مشاهد الاستعرضات العسكرية، طبول الحرب واحتلال الساحة من قبل الضباط والقاء خطب الانتصارات والانجازات في ساحات المعارك.. فما علاقة كل هذا بعيد الشهداء؟

في هذه المناسبة اعتدنا على مشاهد الاستعرضات العسكرية، طبول الحرب واحتلال الساحة من قبل الضباط والقاء خطب الانتصارات والانجازات في ساحات المعارك.. فما علاقة كل هذا بعيد الشهداء؟

شاهد التقرير على اليوتيوب.. اضغط هنا

رغم ان هناك اليوم جدل كبير حول الشخصيات التي اعدمت في 6 ايار عام 1916 في لبنان وسوريا اثناء الحرب العالمية الاولى باعتبارهم مواطنين عثمانيين تعاملوا مع اعداء الدولة في تلك الفترة بريطانيا وفرنسا وكان هذا مبرر اعدامهم من قبل جمال باشا الحاكم العسكري للبنان وسوريا اثناء الحرب، الا ان هؤلاء الاشخاص لم يكن لهم اية علاقة بالعسكر او بالجيش او العمل المسلح.

هذه الشخصيات كانت من السياسيين والمفكرين ومعركتهم كانت مع الاستبداد ومن اجل الحرية والعدل والمساواة، والحكم عليهم اليوم مع الاسف يأتي من ما الت اليه الامور..

فلو اننا اليوم تمكنا من بناء دول متقدمة قوية يسودها العدل والحرية، لم يكن اصلا هناك من داع لمراجعة تفاصل تلك الاحداث واعادة تقييمها، اما ونحن في هذه الحالة المذرية والانهيار الذي نعاني منه على مدار مائة عام ماضية.. فمن الطبيعي ان نقوم بعمليات المراجعة لنعرف اين اخطأنا ونستفيد من تجاربنا..

ما يجعل اتاتورك مثلا بطل هو ان الدولة التركية اليوم قوية، وذكرى الثورة الفرنسية مقدسة لانها قادت الشعب الفرنسي والاوربي وكثير من شعوب العالم الى الحرية.. ولو انها قادتهم الى الانكسار ومزيدا من العبودية والاستبداد لكان مراجعة احداثها واجبة واعادة محاكمة مفكريها وابطالها ضرورة.. كذلك جورج واشنطن وحروب الاستقلال الاميركية والامثلة كثيرة في العالم..

ما يهم اليوم هو ان نذكر بان هؤلاء الاشخاص بغض النظر عن حكمنا عليهم من زاوية الدولة التي كانوا يحملون هويتها، كانوا مفكرين وسياسيين، واود ان اذكر منهم عبد الحميد الزهرواي الذي كان اساسا صحفيا وعضوا في البرلمان العثماني عن مدينة حمص..

اذا قرأنا مقالاته ومؤلفاته سنكتشف بانه من اهل العلم والفكر وليس له علاقة بالجيش والعسكرة.. وهكذا كان معظم رفاقه..

وككل شيء في حياة شعوب هذه المنطقة تمت عسكرة الفكرة وحصرها في اعمال الجيش والقتال والمعارك في ظل حكم ديكتاتوري، وتتركز معظم اعمال هذا الجيش في حماية الحاكم والزعيم والقائد الذي لا بد ان يبقى خالدا..

فنرى احتفالات لتكريم المقاتلين، عوضا ان تكون هذه الاحتفالات احتفالات لتكريم المفكرين، اصحاب الرأي والكلمة الحرة، تحولت لتكريم العسكر، يصاحبها استعراض العضلات والاسلحة وقدرات التدمير والقتل.. فيما غاب عن المشهد وجود اي أعلام للمجتمع من اي نوع..

حتى انه لا يتم ذكر اي شيء عن هؤلاء الذين استشهدوا في هذه المناسبة ماذا كان مشروعهم ما هو الفكر الذي روجوا له وما كانت امنياتهم..

انا اكيد من ان هؤلاء لو عاشوا اليوم لانضموا الى الثائرين في وجه الطغاة وحاربوا الاسبتداد والديكتاتورية، لكانوا من اصحاب كلمة" لا" وليس "نعم" ولدفعوا حياتهم مرة اخرى في سبيل الحرية.

 الحقيقة ان شهداء ايار لا يشبهون ابدا تلك المظاهر الاحتفالية التي نراها اليوم، مسيرتهم كانت مسيرة فكر وعلم وتقدم وليست قتل وتدمير وتقديس وديكتاتورية..

حولنا الاحتفال بالفكر الحر الى احتفال بسبطانات المدافع.. حولنا الاحتفال باهل الفكر الى احتفال لحاملي البنادق.. وماذا حقق لنا هؤلاء..

مرة اخرى الامور بنتائجها ماذا حقق لنا العسكر والقائد العسكري خلال القرن الماضي.. اليوم اكبر اهدافنا ان نعيد لملمة البلاد للعودة لخرائط سايكس بيكو.. التي رسمها المستعمر لنا ولم نقبل بها قبل مائة عام..

قبل مائة عام على الاقل كان هناك مفكرين وسياسيين ورجال دولة ليعدمهم السفاح.. اما اليوم فلم يبق لدينا الا سفاح لم يبق ولم يترك لنا الا القتلى والمحتجزين والمعذبين والمهجرين.. وانسان ضعيف فقير مهزوم.. وارض مجزءة محتلة لم نعد نميز فيها جيوش دولة من دولة..

 

تابع قناة اليوتيوب.. اضغط هنا


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close