الجسر المعلق أحد رموز مدينة دير الزور الذي لم يكن بالنسبة لأهل المدينة مجرد حجر وحديد بل له روح وجسد، لطالما سمع شكوى عشاق المدينة، وذكره الشعراء في قصائدهم، حتى أنه لا يكاد يخول منزل في المدينة من صور أفراد العائلة على الجسر، كما وكان من العادات الدارجة حين زف العروس إلى زوجها أن يأخذوها لتسير فوق الجسر أو تمر بالقرب منه أثناء الزفة، بالإضافة إلى تسابق الفتيان للقفز منه إلى مياه الفرات وإظهار مهارتهم وشجاعتهم بالسباحة في مياه النهر المتدفق.
ويعود تاريخ بنائه إلى زمن الإنتداب الفرنسي حيث بدء أعمال التشييد عام 1925، على الطراز الغربي في بناء الجسور المعلقة، وقام بتعهد الجسر الشركة الفرنسية للبناء والتعهدات تحت إشراف المهندس الفرنسي "مسيو فيفو"، ويبلغ طوله ٤٧٦ مترًا وارتفاعه 36 مترًا ويستند على أربعة قواعد ينبثق عنها أربعة ركائز بطول 25 مترًا لكل ركيزة، واستمرت عملية البناء 6 سنوات، وكلف انشائه مليون وثلث المليون ليرة سورية في ذلك الحين.
ويذكر أهل المدينة إن بعضا من العمال سقطوا داخل الكتل الخرسانية التي تحمل الجسر أثناء سكب الإسمنت فيها ولا تزال جثثهم داخلها حتى الآن، وانهت الشركة الفرنسية بناء الجسر في شهر آذار سنة 1931 ويعتبر ثاني جسر معلق في العالم بعد جسر يقع في جنوب فرنسا.
وفي بداية استخدامه كان أهالي دير الزور يخافون المشي عليه لكثرة اهتزازه وخاصة عندما تمشي عليه السيارات مما دفع المهندس الفرنسي إلى المغامرة ليثبت للأهالي سلامة الجسر فقام هو وعائلته بالركوب في قارب والوقوف تحت الجسر تمامًا وطلب أن تسير ثماني سيارات دفعة واحدة فوق الجسر المعلق، فمرت السيارات بأمان وتيقن أهالي الدير أن الجسر آمن.
ويذكر أهل الدير أن الانتداب الفرنسي أراد قبل انسحابه من سوريا نسف الجسر، لكن أحد أبناء المدينة ويدعى "محمد علي أبو محمود" قام بقطع الفتيل المتفجر.
وفي عام 1947 تمت إضاءة الجسر بالكهرباء، وتميز بإنارة رائعة تعكس على مياه الفرات ليلاً، ويصل بين منطقتي الجزرة والشامية، وفي عام 1955 صبغ باللون الأصفر، ومنعت السيارات والدراجات النارية من المرور عليه سنة 1980.
وكان يوم الخميس 2 أيار 2013 هو اليوم المشؤوم لدير الزور، نعى فيه أهالي المدينة جسرهم المعلق بعد ان تم تدميره جراء الحرب الدائرة في سوريا، ليعانق الفرات للمرة الاخيرة ويلقي عليه التحية الوداع.