وجهة نظر مع نضال معلوف

عفوا سيدي الزعيم .. "قفاكم" مكشوف ..

26.11.2018 | 19:15

يجب ان يجعلنا مشهد نخز القذافي بالعصا بعد ان عثروا عليه في مجرور للصرف الصحي وقاموا بقتله بعدها ، وكذلك صدام حسين عندما التقطوه من حفرة الارانب  قبل ان يعدموه ..،  ان نسأل كيف تنهار عروش هؤلاء الطغاة ، وعلى اي اساس كانت مبنية ..؟

وفي الامثلة القريبة ايضا هروب زين العابدين بن علي اسرع من الغزال وهدم "هرم" مبارك خلال ايام .. واخيرا كشف دور بن سلمان في اغتيال الخاشقجي ..وتعريته امام الرأي العام ..وهذه الاخيرة قضية جديرة بالاهتمام والتحليل ..

في قضية خاشقجي المعروفة عندما دخل قنصلية  بلده في اسطنبول وقتل وقطع واخفيت جثته ، وانكر السعوديون في البداية علمهم بالموضوع .. فاخرجت لهم الاستخبارات التركية تسجيلات الفيديو وقالت ان الخاشقجي لم يخرج ..

وعندما اصروا اظهرت الاستخبارات التركية تسجيلات في غرفة القنصل تظهر تفاصيل مشاجرة .. وبعدها تسجيلات في غرفة اخرى حيث قتل وتم تقطيعه ..

وعندما حاولوا ابعاد تورط ابن سلمان في الموضوع قالت الاستخبارات الاميركية بانها اعترضت تسجيلات لسفير السعودية في واشنطن يشجع الخاشقجي على مراجعة السفارة في السعودية .. واخيرا يسرب اليوم ان الاستخبارات تمتلك تسجيلات لابن سلمان ذاته يطلب التخلص من الخاشقجي ..

يجب ان نفكر كيف انهارت المنظومة الامنية للقذافي تلك التي حكمت ليبيا بالحديد والنار لعقود وكذلك منظومة حكم صدام حسين كيف انهارت مثل هرم مصنوع من ورق اللعب .. ما هو دور الاستخبارات الاجنبية في توطيد حكم الزعماء العرب والى اي مدى تخترق هذه الاجهزة حياة هؤلاء الزعماء ومنظومة حكمهم ..؟

الذي يعرف تركيبة اجهزة الاستخبارات العربية يعلم بانها لا تختلف في بنيتها وطبيعة والافراد العاملين فيها عن باقي "مؤسسات الدولة"، وبالمنطق البسيط فان الامراض التي تصيب كل المؤسسات والقطاعات الاخرى ،وتكاد تكون امراض تصيب الفرد العربي الواحد منا ..، لا يمكن ان تكون اجهزة الاستخبارات في هذه الدول محصنة من تلك الامراض..
 

فالفساد والمحسوبية ، عدم الاحتراف وقلة الكفاءة وغياب التدريب الفعال والافتقار الى التجهيزات والادوات ، او الاعتماد على الغرب في تأمين كل شيء من السيارات الى الطائرات الى اجهزة الاتصال العامة والخاصة ..

باختصار التفوق الغربي في مجال الاستخبارات في كل شيء .. ، تقدمه بمقدار سنوات ضوئية على اجهزة الاستخبارات العربية ..

والتطور التكنلوجي الذي يجعل الاستخبارات الغربية قادرة على التجسس على كل تحركات الشخصيات التي تريد رصدها حتى ولو كانت هذه الشخصية زعيما او رئيسا ملكا او اميرا .. ومعرفة تفاصيل حياتها وملاحقتها حتى في غرف نومها وحمامتها الخاصة ..

لا يدفع هذا لكي نعتقد بان امن "زعمائنا" مخترق وحسب ، لا بل يجب ان نعترف بان حياة زعمائنا مرهونة لاجهزة الاستخبارات الاجنبية ، فهي تعرف عنهم اكثر مما يعرفون عن انفسهم وفي كثير من الاحيان تحذرهم من الاخطار المحيطة بهم خاصة اذا كانت من قبل شعوبهم ..

ولكنها عندما تريد ان تتخلص منهم يكفي ان تسرب معلومة واحدة لتقضي عليهم ..

اذا ارفقنا هذا كله بعدم شرعية حكم معظم زعماء المنطقة ، فاننا يمكن ببساطة ان نستنتج بان سبب استمرار هؤلاء الزعماء في حكم بلادهم هو حماية الانظمة و"الاجهزة" الاجنبية  لهم وابقائهم في مناصبهم يعتمد على تأدية ادوارهم بما يحقق مصالح تلك الدول وينسجم مع سياساتها وخططها ..

في حقيقة الامر الرجل الذي يظهر لنا بشكل زعيم محصن في اوطاننا هو مجرد عميل مكشوف وضعيف امام القوى الخارجية واجهزة استخباراتها

وما نبذل من اجله مئات الاف القتلى وملايين المشردين ، وكل ما عانينا منه خلال عقود طويلة في الماضي ، ونضحي اليوم بمستقبلنا  لكي نتخلص منه ، وهو يبدو كالصنم ثابت راسخ لا يتزحزح ..

على الاغلب بانه سيسقط عندما تنتهي صلاحيته ويزول بفعل كلمة واحدة تصدر عن داعميه .. "انتهى" ..

 

نضال معلوف

 


TAG: