نساء سوريا..البنادق الوردية
صورة تعبيرية
تجمع العشرات من النساء والأطفال وكبار السن من اللاجئين السوريين، أما مبنى متواضع ل "جمعية الكتاب والسنة" في مدينة الرمثا الأردنية حيث توزع المعونات الغذائية بشكل دوري هنا، وقد اكتسبت الجمعية سمعة طيبة لوفائها بالتزاماتها أمام الجهات المانحة للمعونات.
وفي أروقة المبنى يشرف الشيخ زايد حماد رئيس الجمعية بنفسه على عمليات التوزيع ويتابع شؤون اللاجئين الذين باتوا يعرفونه جيدا، ولا يترددون في اللجوء إليه في كل شؤونهم مهما كانت درجة حساسيتها فربما يشكو له الزوج عن زوجته أو الأخ عن أخيه وكثيرا ما تكفل بنفسه بحل أعقد المشكلات.
وربما كانت ابتسامته الصادقة التي يلقى بها الكبار والصغار هي ما جعله موضعا ثقة من الجميع، وهذا ما حوله بمرور الوقت إلى مخزن للأسرار التي تبوح بها له من تعرضن للصدمات وما أكثرهن.
ومن بين آلاف القصص التي يعرفها الشيخ "حماد" تقفز قصة “الفتاة فرح" التي روتها له والدتها في مخيم اللاجئين وقالت إن أربعة من جنود النظام تناوبوا على فض بكارتها داخل منزلها بحي الخالدية في مدينة حمص بعدما حاولت منعهم من ضرب والدتها العجوز انتقاما لانخراط ثلاثة من أبنائها في العمل المسلح ضد النظام.
وليست هذه الحكاية غريبة ولا تعد نادرة الحدوث في سوريا فقد تم توثيق آلاف الحالات، وبحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن القوات الحكومية ارتكبت ما لا يقل عن (7672) حادثة عنف جنسي.
ومن بين تلك الحالات المذكورة في التقرير قصة لشابة اسمها "بيان" وهي طالبة جامعية ومعتقلة سابقة في سجون الحكومة السورية، والتي ذكرت في شهادتها أن أحد عناصر الاستقبال في السجن طلب منها التعري بشكل كامل بحجة التفتيش، وحينما رفضت انهال عليها بالضرب والشتائم بكلمات نابية وقام بنزع غطاء رأسها وتفتيشها بطريقة مهينة.
وتعتبر الشبكة السورية لحقوق الإنسان من أبرز المصادر وأكثرها موثوقية وتعتمد عليها تقارير الأمم المتحدة بما يخص الإحصاءات التحليلية لضحايا النزاع في سوريا، ويبين تقريرها أن أعلى معدل للعنف الجنسي كسلاح استخدمه النظام السوري كان في بداية عام 2012 وحتى منتصف عام 2013 حيث سجلت معظم الحالات أثناء عمليات اقتحام المدن والقرى المناوئة وقد مورست بعض تلك الحالات أمام الأهل بهدف كسر إرادة المجتمع ككل، ثم تركزت حالات العنف فيما بعد في مراكز الاحتجاز وخاصة مع المحتجزات اللاتي لهن صلة قرابة مع عناصر من فصائل المعارضة المسلحة حيث تم استخدامهن كورقة ضغط ليسلموا أنفسه.
لكن التقرير يوثق أيضا تجاوزات من قبل فصائل المعارضة المسلحة تمثلت بحالات القتل خارج نطاق القانون وعمليات الاختطاف والاحتجاز القسري حيث تم توثيق مقتل (711) أنثى في مناطق متفرقة نتيجة القصف العشوائي لقوات المعارضة فيما تم تسجيل (877) حالة اختطاف واحتجاز لنساء من قبل فصائل المعارضة كانت النسبة الأكبر منها عام 2014 أثناء معارك ريف اللاذقية بحسب الشبكة السورية لحقوق الأنسان.
وفي العام 2014 ، أجرت اللجنة الدولية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة الاستعراض الثاني للجمهورية العربية السورية حيث قامت الحكومة السورية بتقديم تقرير دوري مفصل في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 حول تطبيق الاتفاقية، إلا أن هذا التقرير لم يتناول في صفحاته المائة وستة عشر وضع النساء المحتجزات بعد العام 2011 وطلبت اللجنة من الحكومة تزويدها بمعلومات بشأن "التدابير المتخذة من أجل منع العنف الجسدي وتحديدا العنف الجنسي، وحماية النساء والفتيات من هذا العنف أثناء تفتيش المنازل، والمداهمات العسكرية، وعند نقاط التفتيش، وفي مراكز الاحتجاز.
وفي الصراع المستمر في سوريا فإن المرأة وقعت ضحية في أتون حرب لا تلتزم معظم القوى والأفراد المشاركون فيها بالحد الأدنى من القيم والأخلاق، فقد حولها أطراف الصراع إلى سلاح يضغط كل طرف به على الآخر كما يضغط على زناد البندقية، ولكنها بندقية وردية.