حرق لافرع مصارف وتحطيم لواجهات فروع اخرى وطوابير امام ما بقي عاملا من مصارف لبنان، على امل الحصول على 100 او 200 دولار شهريا من الايداعات .. فهل تنتقل هذه الظاهرة الى سوريا .؟
صدر قرار عن المصرف المركزي يوم الاحد برفع السعر الادنى للفائدة على الودائع بالدولار الأمريكي لتصبح 3.5% سنويا ( من 1.93%) الحد الاعلى يمكن ان يصبح 5% على الودائع فوق 50 الف دولار لاجل عام كامل ، وهذه نسبة تعادل ارباح استثمارات تحقيق نتائج مقبولة او حتى جيدة في مفهوم السوق.
فلماذا يتخذ هذا القرار في بلد اقتصاده متوقف وفرص الاستثمار فيه شبه معدومة ، بماذا سيستثمرالمصرف المركزي الودائع بالدولار ليحقق ارباحا تفوق 5% سنويا ، وهو امر صعب التحقيق في دول متعافية واقتصادها نامٍ فكيف سيتم تحقيق مثل هذا الربح في بلد مثل سوريا يعاني من الحرب منذ 9 سنوات وهو في حالة حصار، كل المؤشرات تقول بانها مستمرة ومعرضة للتشديد.
الطوابير على المصارف في لبنان التي نراها اليوم كانت نتيجة سياسات مشابهة فقد اتبع المصرف المركزي في لبنان سياسات تشجيع اللبنانيين ( والسوريين وغيرهم ) على ايداعات الدولار بفوائد عالية تؤمن دخلا مقبولا بدون بذل اي جهد.
ومع مر السنين كانت هذه السياسة تجذب المزيد من المودعين ، وتقوم المصارف باضافة الفوائد على ايداعاتهم ارقاما تزيد نظريا في الرصيد .. ولكن عمليا عندما اراد المودع في لبنان ان يستعيد ماله فوقها الفوائد التي انتظر سنوات لتحصيلها .. حلت الكارثة ..
اليوم لكي يسمح لك في لبنان بسحب 125 دولار شهريا يجب ان يكون لك رصيد يتجاوز 10 الاف دولار ، اي انه في حال استمر الوضع كذلك ولم يتجه للاسوأ سينتظر المودع حوالي 7 سنوات كاملة لكي يستطيع استرجاع مدخراته.
لا احد يعلم ما هو مصير الودائع بالدولار في لبنان ، بعد ان تم الكشف بان المصارف كانت تؤمن الفوائد على ايداعات المودعين من خلال الاقتراض ، حتى اصبح الدين كبيراً وتم حجز كل موجودات هذه المصارف لخدمة هذا الدين .. وهذا ادى الى الكارثة التي نراها اليوم ..
وهذا تماما ما قد يحصل في اي بلد يعرض فوائد كبيرة على ايداعات الدولار وهو لا يمتلك البيئة الاستثمارية والنمو الاقتصادي المطلوب ليحقق نسب ارباح اعلى من هذه الفوائد، بحيث يتم تسديدها للمودع وتحقيق ارباح اضافية للمصرف تضاف على الناتج للقطاع الذي يدعم الناتج الاجمالي للبلد .. باتجاه مستويات اعلى من النمو..
وعلى العكس تماما في الدول التي تشهد نموا اقتصاديا وتتسع فيها فرص الاستثمار يتم خفض الفوائد على الدولار لتشجيع الاستثمار وتنشيط الدورة الاقتصادية ..
فعلى ماذا يراهن صانع القرار السوري في اتخاذ مثل هذه القرارات .. وكيف سيستثمر هذه المبالغ وهل حقا سيكون قادر على اعادتها للمودعين ام ان سيناريو لبنان معرض للتكرار في سوريا ؟
لا شك ان الدولة السورية اليوم بحاجة للاموال بعد ان سدت في وجهها كل السبل من خلال الحصار ، فقدانها للموارد المحلية مع سيطرة المليشيات الكردية على ابار النفط وحقول الغاز ، واضطرارها لتقديم ما تملك من مواقع للثروات الاولية والاستثمارات الرابحة ذات الجدوى الحقيقية للدول الصديقة في مقابل ما تقدمه لنا هذه الدول من حماية ولمساهتمتها في "حربنا على الارهاب" ..
الدولة السورية اكثر من مفلسة في المفهوم الاقتصادي هي مفلسة ومديونة ولا يوجد اي فرصة واضحة لتستعيد نشاطها الاقتصادي مع الاستعصاء السياسي الذي لا يبدو اننا سنصل معه الى اي حلول قريبة ..
فان المبالغ التي ستودع في المصارف السورية على امل الحصول على فوائد عالية تعوض عن وقف الحال والاعمال في معظم القطاعات لصالح الافراد ، سيكون مصيرها حكما .. مصير ايداعات الدولار في لبنان وربما اسوأ ..
سيريانيوز