مساهمات القراء

ذاكرة السمكة ... بقلم : أكرم كنعان

08.01.2025 | 20:43

أثناء وجودي في أحد الشواطئ الفرنسية جلست بجانب أحدهم يقوم بصيد السمك بالسنارة، يقوم بوضع دودة في السنارة ويرمي، تجتمع الأسماك وتعلق إحداها،  فيقوم الصياد بسحب السمكة خارج الماء عندها تتفرق الأسماك المتبقية، يعيد الصياد السنارة فتعود الأسماك للتجمع وتنسى أن احداهن ذهبت بلا رجعة. عندها عرفت لماذا يقولون ذاكرة السمكة.

منذ سقوط الأسد ( أو بشكل أصح التسليم والاستلام) امتلأ اليوتيوب بالمحليين، بين من يدافع عن فكرة أن الجولاني انتصر بالقوة ومن يحرر يقرر، وبين من يقول توافق القوى. لكن معظمهم يهلل ويبارك ويصنع منه الفاتح. ما يهمنا حالياً أن الجولاني أصبح حكومة أمر واقع لكن السؤال لماذا الجولاني؟.

يقول أصحاب نظرية التوافق الدولي أنه التنظيم الوحيد المنظم وهو مدعوم من تركيا، لكن هناك الجيش الوطني المدعوم والمدرب من تركيا.. لماذا اختاروا الجولاني المصنف على قوائم الإرهاب ولا زالت الفيديوهات لمجازر جبهة النصرة والجولاني والمظاهرات المطالبة برحيله في ادلب موجودة وأنا شاهدت عدة فيديوهات والكل طالب بالمعتقلين في سجون ادلب وضد الوجود التركي، واحراق العلم التركي وأعلام جبهة النصرة والتي تصفه بالخائن ، ولماذا أمريكا سمحت بذلك وهو الإرهابي التي وضعت مكافأة مجزية للوصول إليه (ومن وصل إلى نصر الله تحت عشر طوابق هل كان عاجزاً عن الوصول إليه؟). لماذا هذا التهافت الدولي للقاء بالجولاني؟ 

قررت قراءة كيف استولى حافظ الأسد على سوريا، فوجدت أنه كانت سمعة حافظ الأسد بالحضيض بعد فضيحة سقوط القنيطرة وتسليم الجولان، الجميع يقولون عنه سلم الجولان وهو خائن للوطن فقام بالانقلاب  على أصدقاء الأمس ووضعهم في السجن ( كما فعل الجولاني بالانقلاب على تنظيم القاعدة ذو الصناعة الأمريكية) .

وبعد أن قام بالانقلاب قام بتعيين أحمد الحسن الخطيب (السني) رئيساً وهو تولى رئاسة الحكومة، بالفترة 18 تشرين القاني 1970 إلى 22 شباط 1971 تقريباً ثلاثة أشهر، لم يجد أي معارضة سنية ، السنة السوريين صنعوا منه البطل متناسيين تاريخه ولم يعد الخائن الذي سلم الجولان ، وكان خلال هذه الفترة يقوم بتعيين المواليين في مفاصل الدولة ، وعندما تأكد من امتلاكه كل القوى المؤثرة استولى على الحكم وسمي القائد العام باستفتاء شعبي.

وقلت في نفسي ماهذا التشابه، الجولاني ( إرهابي الأمس والمحرر اليوم)  أو ماسمي لاحقاً القائد أحمد الشرع ، منح حكومته ( ذات اللون الواحد) ثلاثة أشهر أيضاً وكأنه تخرج من نفس المدرسة، هل في الأول من آذار سيقوم بمخاطبة الشعب السوري ويقول: (أيها المواطنون يا أبناء شعبي ، قمت بالدعوة لمؤتمر وطني وحاولت الاجتماع مع كل القوى السياسية في سورية في الداخل والخارج  لكنهم لم يتفقوا وكل ما يريدونه تقاسم السلطة، ومنعاً من حرب أهلية ولأني خائف على سوريا بدوني ، فإذا أردتم أن أكون الرئيس انزلوا إلى الشوارع وأعطوني الشرعية ) .

هذا الخطاب استعمله أكثر من قائد على مدار التاريخ، وسينزل السوريون للشوارع بعد الخطاب مباشرة، يصيحون ويكبرون  أنت الرئيس ( وهم الآن يقومون بحملة ممنهجة  من يحرر يقرر)،  ونزولاً عند رغبة الجماهير سيقبل وسننتقل إلى (الشرع أو نحرق الزرع).

 

 

*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة على سياسة الموقع
*ارسل مساهمتك على الايميل
 [email protected]

 

 


TAG: