فيلمنغ .. صدفة كانت وراء اكتشاف الدواء الذي انقذ حياة الملايين .. "البنسلين" ؟
لن يكون غريبا ان نقول بان اكتشاف البنسلين كان عبارة عن مصادفة ، فكثير من الاختراعات التي غيرت وجه العالم جاءت "صدفة" ولكن في قصة صاحب اكتشاف اول "مضاد حيوي" في التاريخ امور اخرى نكشفها لك هنا ..؟
طبعا كما في حال الكثير من الاكتشافات لا يمكن ان نضعها في سياق الصدفة البحتة ، فالصدفة في حياة المخترعين عادة تأتي بجواب على سؤال يسعى العالم او المخترع سنوات طويلة لإيجاد الجواب عنه، وفي ظل الجهود المضنية التي يبذلها يأتي هذا الجواب احيانا على شكل صدفة تحل اللغز وتصل بصاحب الاختراع الى الهدف الذي ربما قضى عقودا من الزمن يسعى للوصول اليه ..
هذا ما حصل مع العالم الاسكتلندي "اسكندر فيلمنغ"( 1881 – 1955 ) الذي قضى سنوات طويلة في محاولة ايجاد حل للقضاء على البكتيريا الضارة المسببة لكثير من الامراض القاتلة مثل الكوليرا والدفتيريا ، الزحار ، الالتهاب الرؤي والسل.. وطيف واسع من الالتهابات التي لاحظ "فليمنغ" بانها سبب رئيسي في موت الجنود الجرحى في الحرب العالمية الاولى ( 1914 – 1918 ).
وفي العام 1928 عندما عاد "فلمنغ" من اجازة طويلة الى مختبره ، ووجد ان بعض الاوعية التي زرع فيها "البكتريا" لاجراء بعض التجارب قد تعرض للهواء ونمى على سطحه نوع من الفطور تسبب في قتل هذه البكتريا.
يجب ان نذكر بان البكتيريا هي كائنات حية من صنف خاص،وهي متناهية الصغر تتكون من خلية واحدة ، توجد في كل مكان تقريبا بما في ذلك جسم الانسان الذي يضم ملايين منها ، وليست كلها ضارة فمنها ما هو مفيد وضروري كتلك الموجودة في الجهاز الهضمي وتساعد على الهضم.
في الاساس كانت المشكلة لدى "فيلمنغ" هي كيفية اكتشاف علاج يقتل البكتريا ( وهي خلية حية ) ولا يقتل خلايا الجسم البشري نفسه ، فقد لاحظ بان استخدام "المطهرات" في معالجة الجروح مثلا يزيد من نسبة الوفاة لدى المصابين لان المطهر يقضي على خلايا الجسم المفيدة ايضا بالاضافة للبكتريا.
ما وجده "فلمنغ" لافتا في طبيعة المادة التي افرزها الفطر الذي نما في المختبر وقتل البكتيريا واطلق عليها "البنسلين"، ان هذا الفطر لا يقتل خلايا الحية في الجسم ، فهو اذا قاتل للبكتريا دون سواها، لتغير هذه الحقيقة وجه الطب في العالم وتفتح فصلا جديدا فيه عنوانه "المضادات الحيوية".
مالا يعرفه الكثيرون بان "فيلمنغ" لم ينجح في تحويل هذا الاكتشاف لدواء يستخدم لمعالجة المرضى ، ولكن جاء فريق من جامعة اكسفورد البريطانية بعد اكثر من عقد من الزمن مؤلف من العالمان "هاورد فلوري" ، "وارنست شين" تمكن من عزل البنسلين، ليستخدم كمضاد حيوي على نطاق واسع بعد الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945 ).
وتقاسم العلماء الثلاثة "فيلمنغ" و"فلوري" و"شين" جائزة نوبل للطب عن اكتشاف "البنسلين" في العام 1945.
هناك قصة غير مؤكدة مثيرة في حياة "فيلمنع" تقول بان رجل بريطاني ثري قام بتحمل تكاليف تعليمه،لرد الجميل لوالد "فيلمنغ" حيث انقذ الاب ابن الرجل الثري من الغرق في احد مستنقعات الطين ، وان هذا الرجل ( الثري ) هو والد الزعيم البريطاني الشهير "وينستون تشرشل"، وان "تشرشل" نفسه اصيب بمرض خطير في مرحلة متقدمة من حياته لم يشفه منه الا "البنسلين" ، الا ان هذه القصة ليست مؤكدة تماما وان كان يتم تداولها على نطاق واسع مع ذكر سيرة حياة مخترع "البنسلين".
اعداد : سيريانيوز