وجهة نظر مع نضال معلوف
دلالات ظهور رامي مخلوف.. ومناشدته للاسد عبر السوشيال ميديا؟ ..
حقيقة حدث استثنائي ان يخرج رامي مخلوف سيد الاقتصاد السوري ويخاطب ابن خاله الرئيس بشار الاسد علانية عبر السوشيال ميديا، خطاب فيه من العتب والتمني والترجي.. ما يهدم هيبة هذه الاسطورة التي عشناها لسنوات..
شرحت في مقال سابق العلاقة البنيوية بين عائلة الاسد وعائلة مخلوف المستمرة منذ ثمنينيات القرن الماضي، وان اي اضعاف لهذه العلاقة هي اضعاف للنظام نفسه بشكل كبير..
ماذا يحدث اذا؟..
مرة اخرى يجب ان نبحث عن طرف ثالث له دور كبير في اضعاف هذه العلاقة ، طرف اصبح له من النفوذ في سوريا ما يفوق نفوذ النظام.. يقوم بالضغط على الاخير ليتفكك رويدا رويدا..
وهنا لا يمكن الا ان نفكر في روسيا.. روسيا هي من يحمل اعباء "البلد" اليوم، وهي لم تنقذ النظام الذي كان قريبا من السقوط عام 2015 بالطبع، لانها تهوى الاعمال الخيرية وتريد ان تتبرع بهذا العمل الذي يكلف المليارات من الدولارات لتبقي نظاما او رئيسا في بلد يبعد عنها الاف الكيلومترات..
هي وجدت هذا الموضوع (وضمن اتفاق دولي على ما يبدو) فرصة لتسيطر على القرار في سوريا.. فتم الاستيلاء اولا على القرار العسكري ومن ثم السياسي.. الامر الذي بات اليوم شديد الوضوح.
روسيا من حيث المبدأ تريد تحصيل تكاليف تواجدها ولزوم تشغيل اعمالها وتنفيذ اشغالها في سوريا.. على احد ما ان يدفع.. وهي لعبة قديمة.. تقدم ديناً كبيرا لرجل متعثر.. تحاصره اكثر.. تقطع الموارد عنه.. لا يستطيع ان يسدد الدين.. تبدأ في المطالبة بان يبيع لك الامتيازات والممتلكات هكذا حتى تسلبه كل شيء، تستعمله لفترة ومن ثم تتخلص منه..
ظهور رامي مخلوف بهذه الطريقة اضعاف للذراع الاقتصادية الضاربة للنظام.. واذا كان هناك قرار فعلي بالتخلص من هذه الذراع فهي اذاً عملية تغيير بنيوي في النظام المتمثل في شراكة مخلوف الاسد..
هناك اقاويل بأن الموضوع موضوع استبدال آل مخلوف بآل الاخرس في اشارة الى زوجة الرئيس اسماء الاسد، حتى ولو كان هذا صحيح، فهذا يعني هدم للنظام القائم طوال 40 عاما الماضية واعادة تشكيله من جديد..
واذا اردنا ان نتحدث عن كيفية ادارة سوريا في العقود الماضية فإننا نؤكد ان هذا التحالف (الاسد مخلوف) كان النواة الذي تدور حوله كل الكواكب الاخرى.. منها من كان يخرج عن مساره ليستبدل بآخر.. هذا صحيح.. ولكنها المرة الاولى التي يبدو فيها بأن النواة ذاتها باتت مهددة.. وهذا يدفعنا لكي نتنبأ بانهيار قريب.. ليتم بعدها تشكيل نظام جديد..
وهنا لا بد ان اشير، بأن التشكيل الجديد سيكون لروسيا دور كبير فيه، وهي على ما يبدو مفوضة من باقي القوى في العالم ضمن تفاهمات معينة للحفاظ على مصالح هذه القوى لانجاز هذا التشكيل.. ما يعني ان انهيار النظام الحالي لا يعني استبداله بالقوى التي نعرفها باسم "المعارضة الخارجية".. اي ان النظام القديم لن يهدم.. ليأتي مكانه جماعة الائتلاف او غيرهم من تشكيلات المعارضة المعروفة..
التشكيل الجديد قد يكون جمع مكونات انفرطت من النظام القديم ويمكن ان يضم إليها لاعبين جدد هذا صحيح، ولكن ايضا يصح ان نقول بأن التشكيل الجديد قد لا يعني تغيير رأس النظام نفسه على المدى القريب..
وبالعودة الى موضوعنا فإن اهم ما في ظهور رامي مخلوف بهذه الطريقة وهدر هيبته وكشف قدراته المتواضعة للناس.. اهم مافي هذا الظهور هو الدلالات.. هو ان نفهم بانه بعدما تم الاسيتلاء على القرار العسكري والسياسي.. جار اليوم الاستيلاء على القرار الاقتصادي..
اذا لا شك في ان ما يحدث اليوم هو امعان في اضعاف النظام القديم.. الذي لم يعد يملك اليوم إلا ذراعه الامني.. الذراع الذي لا يمكن أن يؤدي مهامه بدون مال.. وبالتالي فإن من يسيطر على "المال" في سوريا.. سينجح قريبا في السيطرة على آخر "رجل" يقف عليها النظام الآيل للسقوط.. قبل الاعلان عن نظام جديد..
نضال معلوف