قبل 70 عاما .. سيدة سورية تفكر بالطلاق .. ماذا كانت نصيحة المجلة لها ؟

كيف كانت الاحوال الاجتماعية في سوريا في الماضي ، قبل 30 سنة ، 40 سنة ، 60 سنة ، من حسن الحظ ان الصحف والمواد الارشيفية توفر لنا فرصة ذهبية لكي نتعرف كيف كان المجتمع يتعامل مع قضايا كثيرة ، مثل التعليم ، الموسيقا ، المرأة ..  ..

في المواد التي كانت تتعامل معها المضحك المبكي مع رسائل القراء يمكن ان نجد ضالتنا ، ونتعرف كيف كان يفكر اهل سوريا في تلك الفترة ماهي المشاكل وما هي الحلول المطروحة، ونكتشف فيما اذا تغيير شيء منذ ذاك التاريخ الى اليوم ام لا .. ؟

في مادة اليوم نعرض رسالة من سيدة سورية تعرض مشكلتها على الصحيفة، وبدورها الصحيفة ترد على الرسالة طبعا بأسلوبها الساخر الذي تميزت به ، ويمكننا نحن بالإضافة الى المتعة ان نتعرف على بعض جوانب حياة السوريين في فترة الخمسينيات وما المفاهيم التي كانت سائدة وقتها ..

المضحك المبكي – العدد 841 – السبت 31 كانون الثاني 1953

امرأة تفكر بالطلاق من زوجها وتطلب رأي المضحك المبكي

والمضحك المبكي يجيبها جوابا حبذا لو تقرأه كل امرأة متزوجة متبرمة

حمل الينا بريد اول من امس الكتاب الآتي ننشره للقراء الكرام، بل للقارئات الكريمات، مع الجواب عليه، وهو جدير بأن تقرأه كل امرأة لاسيما المتزوجات اللواتي يعتقدن بأنهن تعيسات في حياتهن الزوجية، وهذا هو نص الكتاب بالحرف الواحد،

حضرة الاستاذ المحترم مدير مجلة المضحك المبكي حفظه الله آمين.

تحية عاطرة، وبعد فأنا كاتبة هذه الاسطر امرأة متزوجة، ولما كنت لا تعرفني ولا احد من القراء يعرفني لأني ارسل لك هذا الكتاب مغفلا بدون توقيع، فلا أرى حرجا علي اذا ذكرت لك عمري الحقيقي اربعون سنة بالتمام، وقد احببت ان اذكر لك عمري بالضبط ليكون حكمك في قضيتي صحيحا، وعندك جميع المعلومات عني، ولا انكر عليك اني تزوجت زوجي غصبا عني لأني لم اشعر قبل الزواج بميل إليه، بل كثيرا ما كنت استغلظه عندما كنت اجتمع به او احادثه في مكان ما،

وقضى النصيب بأن اتزوجه، وصار لي ما يقرب من عشرين سنة وانا متزوجة، وحاولت كثيرا ان اهضمه، وامتزج به ولكن عبثا، والسبب في ذلك منه وليس مني، لانه بدلا من ان يسعى لان يحبب نفسه باعماله وحركاته، كان كمن يعمل ليبعدني عنه، فهو بخيل جدا، وهو غيور جدا، وهو حقود جدا، يتدخل في الكبيرة والصغيرة، والشاردة والواردة..

فإذا اردت ان اشتري فسطانا وكنت بحاجة اليه قامت قيامته علي، وإذا اردت ان أرد زيارة لصديقة من صديقاتي قامت قيامته ايضا، يعاملني كأنني خادمة، ويحتقر امي، ويبغض اخواتي، ومهما سعيت لارضيه وآمن شره فلا انجح، حتى لو اني شعلت أصابعي العشرة كما يقول المثل حوله، فإنه لا يرضى، لانه من الاشخاص الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، والآن وقد طفح الكيل ولم يبق في قوس الصبر منزع افكر بالطلاق بالرغم ان لي منه بنين وبنات... ولما كنت اثق بالمضحك المبكي وبآرائه الصائبة فقد جئت استشيرك في هذا الموضوع عسى ان يكون لي من رأيك نبراس يضيء لي طريق حياتي،

هذا واني بانتظار جوابك اقدم لك فائق الاحترام

(متزوجة تعيسة)

 

المضحك المبكي: حضرة السيدة المحترمة

تحية وسلاما، وبعد فقد قرأت كتابك وكل ما تفضلت به صار معلوما، وقبل ان ابدي لك رأيي في موضوعك، احب ان اقص عليك هذه الحكاية،

قيل ان امرأة مثلك ضاقت بها الحيل في العيش مع زوجها فذهبت الى القاضي لتطلب الطلاق... وبعد ان سمع القاضي حكايتها مع ذلك الزوج، وكيف يعاملها ويغار عليها ويتدخل في جميع شؤونها ويبخل عليها، الى غير ذلك من الشكاوى التي ترددها عادة النساء المتزوجات قال لها،

يا ابنتي، انني لا احكم لك بالطلاق حتى تزوري عشر نساء متزوجات في حارتك، وتأتين بدليل على انك قمت بهذه الزيارة، لذلك فاذهبي حالا وقومي بما طلبته منك ثم تعالي الي لاعطيك ورقة طلاق.

وذهبت هذه الزوجة الى الجارة الاولى، وتشعب الحديث حتى وصل الى حالتها مع زوجها فأخذت تلك الجارة تصف ما تلاقيه من زوجها من ضروب التقتير والعسف والغيرة وحتى الضرب...

ثم ذهبت الى الثانية والثالثة والرابعة والعاشرة فكانت كل واحدة منهن تقص عليها في عرض الحديث ما تلاقيه من زوجها في حياتها الزوجية وهي ساكتة لا تترك احدا يسمع عنها حتى لا يشمت...

ولما انتهت من هذه الزيارات عادت الى القاضي، فسألها، هل قمت بما اوصيتك به؟

قالت له، نعم قمت...

قال لها، الان يمكنني ان اعطيك ورقة طلاق من زوجك...

قالت له، يا فضيلة القاضي، لقد عدلت عن رأيي وبطلت ان اطلق زوجي...

قال لها، ولماذا؟؟

قالت له، لأني اثناء زياراتي اطلعت على ما تلاقيه تلك الجارات من ازواجهن فوجدت نفسي بالنسبة اليهن كأنني في النعيم، لذلك فقد حمدت الله على الحالة التي انا فيها فإذا كنت تعيسة حقا فقد وجدت اتعس مني واذا كنت مظلومة حقا فهناك مظلومات اكثر مني لذلك فقد قنعت بما انا عليه وشكرت الله عز وجل...

ان هذه الحكاية اقدمها لك، ياحضرة السيدة جوابا على سؤالك، فنصيحتي اليك قبل ان تقرري الطلاق ان تقومي بزيارة بعض صديقاتك المتزوجات وتطلعي على حقيقة احوالهن في البيت، وانا الكفيل بانك اذا عملت ذلك تعودين الى غرفته حامدة شاكرة لان (هلي ما بيرضى بوشومو الله بيبعتلو اوشم)،.

والسلام عليكم ورحمة الله

اعداد : سيريانيوز

صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية).

اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت.

أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966.