هل تمضي الحكومة في سوريا على خطى الحكومة اللبنانية في "سرقة" اموال المودعين..؟
تمر احيانا بعض الاخبار، التي يبدو انها اختصاصية بعيدة عن معاناتنا اليومية، مرور الكرام ولا نلقي لها بالا على الرغم من دلالاتها الخطرة التي ستؤثر على حياتنا بشكل كبير في وقت قصير..
ومن هذه الاخبار إعلان وزارة المالية عن مزاد للاكتتاب على سندات خزينة بقيمة إجمالية 300 مليار ليرة سورية على مرحلتين لمدة سنتين، بفائدة تأشيرية 7%، ولا يحق إلا للمصارف الخاصة والعامة المشاركة في هذه العملية.
ما يهم.. في هذا الخبر ان نفهم بأنه قريب جدا منا وخطير جدا علينا..
قريب لان هذه العملية تعني ان تقرض المصارف العامة والخاصة التي نودع فيها مدخراتنا الحكومة مبلغ 300 مليار ليرة سورية في عملية "استثمارية" تدعى "سندات الخزينة".
وخطير لان عامل المخاطرة في مثل حالة سوريا كبير، وفي العموم مخاطر هذه العملية تتمثل في تعثر الحكومة في سداد ديونها أمام المصارف، والثاني في انخفاض في قيمة العملة الوطنية.
وفي حالتنا السورية تعاني الحكومة السورية بعد 10 سنوات من الازمة وبفعل العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها من أزمة مالية خانقة لا يوجد أي بوادر لانفراجها، كما ان العملة الوطنية تعاني من انخفاض مستمر في القيمة بحيث ان سعر صرف الدولار تضاعف 100% في الاشهر الثلاث الاخيرة.
الموضوع ليس فقط علاقة مصارف بالحكومة السورية، لان المصارف السورية اليوم ايضا تعاني مشكلة، ومنيت بخسائر كبيرة نتيجة انحفاض قيمة العملة وتوقف عجلة الاقتصاد وعدم وجود اي فرص للاستثمار والتشغيل،.. وتعتمد كليا حاليا على اموال المودعين..
بالنتيجة فان عملية الاقراض، من هذه من المصارف للحكومة ستكون من اموال المودعين، وتعثر الحكومة في السداد او انخفاض قيمة العملة كما هو مرجح وفق السياق الذي تتخذه منذ عشر سنوات، سيطيح بأي فرصة لتحيق أية فائدة..
على العكس فإن هذه العملية ستعرض مدخرات المواطن السوري للتآكل وربما الى الفقد بشكل كامل كما هو حاصل في لبنان اليوم.
عملية سندات الخزينة قد تكون عملية استثمارية ناجحة في دول لديها عوامل الاستقرار وتمتلك بيئة جاذبة للاستثمار وحتى في مثل هذه الدول يعتمد نجاح العملية على ملاءة الحكومات الائتمانية، وتقوم وكالات التصنيف الائتماني الدولية، بقياس مدى قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها المالية أمام دائنيها وحملة سنداتها ومن ثم يمكن مناقشة جدوى اتخاذ قرار شراء هذه السندات.
اما هنا في حالتنا، فمن المرجح بشكل كبير لأن تكون هذه العملية آخر طريق أمام الحكومة لتمويل نشاطاتها لأشهر أخرى قادمة، قبل ان تعلن افلاسها نهائيا بعد ان تذهب اموالها واموال المودعين ادراج الرياح.
سيريانيوز