كيف أنساك وقد حفرت نفسك في أبجدية حياتي؟
كلما أردت أن أصوغ جملة وجدتك بين كلماتي وكأنك زرعت في كل سطر من لغتي حرفا من اسمك
كيف أنساك وكل الطرق تؤدي إليك وأينما مررت رأيت ظلك أو طيف ذكرى منك؟
وكأنك زرعت في كل درب من دربي خطوة من خطواتك حتى أن تلك الدروب حينما أمر بها تسألني عنك فأجيبها بصمتي ودمعتي فتشفق لحالي وتحنو بياسمينها علي
كيف أنساك وقد زرعت نفسك وردة على وسادتي وكلما هبط الليل تفتحت تلك الوردة في احلامي ؟
فأنا مثل سمكة لاتجيد السباحة وإن غادرت البحر ماتت..
أنا مثل غيمة لا تحمل المطر وإن غادرت السماء اندثرت..
فهل لك أن تتخيل حالي وأنت الذي رحلت وكأنك مارحلت أنت الحاضر الغائب أنت الموجود والغير موجود أنت الذي أثبت بطلان قوانين المنطق
أنت الذي حطمت المستحيل في حياتي
أنت الذي زرعت نفسك في نفسي ومن ثم رحلت
فقل لي بالله عليك كيف أنساك
وأنا أعلم أنك لا تريدني أن أنساك
وأنت تعلم أنه لا طاقة لي على نسيانك
فالموت شوقا أحب إلي من أن أموت مللا لفراغ قلبي منك
وهذا ماقاله جبران لعله تنبأ بحالي في غربتي عنك
"أريد أن أموت شوقا ولا أحيا مللا"
تخيل أنني استيقظت يوما ووجدت نفسي قد خلت منك
وبأن قاسيون قد أصبح مجرد جبل تغفو في حجره دمشق
ودمشق مجرد مدينة عتيقة تخلو إلا من بياض الياسمين الذي تعربش على جدرانها منذ أبد السنين
والياسمين مجرد زهر بلا ألوان يسقط مع أول نسمة ربيع
والربيع مجرد فصل التحسس بغبار الطلع وانقلاب من الشتاء الى الصيف
والصيف مجرد شمس حارقة وحر شديد
والشتاء مجرد صقيع ووحدة
والكون بلا ألوان
والأموي مجرد مسجد تحول من كنيس الى كنيسة الى مسجد
وطيوره مجرد طيور تسعى خلف رزقها
في حين عندما كنت أنت في داخلي
كان قاسيون حضن دمشق الدافئ وعاشقها الولهان
ودمشق آلهة الحسن والجمال وأميرة الازمان
والياسمين عطر يعجز عن صنعه إنسان
والربيع ربيعنا والصيف فصلنا والشتاء نبع الدفء والحياة
والأموي كعبة تحج إليها الطيور صباح مساء
فإن تخيلت حياتي دونك استطعت تفهم كل هذه الاشياء
فأنت بت هاجسي وأنا البائسة التي مااستطاعت نسيانك ولا استطاعت العودة إليك ولا الرحيل عنك
فهل لك أن تتخيل؟؟