"شمخاني" الايراني خليفة لـ "سندرس" الالماني .. حاكما عسكريا في سوريا ؟

أوتو ليمان فون ساندرس القائد الالماني الفعلي للجيوش العثمانية في الحرب العالمية الاولى ..

12.06.2016 | 13:58

أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني امس أنه تم تعيين الأمين العام للمجلس الجنرال علي شمخاني في منصب المنسق الأعلى للسياسات العسكرية والأمنية مع سورية وروسيا.

وهذه اول مرة يتم الاعلان فيها عن مثل هذا المنصب في ايران ( وسوريا ) .. !

والتاريخ يعيد نفسه ، والدول عندما تصل درجة من الضعف ويتقلد الحكم فيها مستبدون ليس لهم شرعية ولايحظون بقبول شعبي ،  يصبح لازما عليهم الاعتماد على قوى خارجية لتثبت حكمهم.

وهنا اريد ان اعطي ملخص بسيط للذين ليس لديهم معلومات عن كيفية انفراط عقد الدولة العثمانية التي كانت اراضي سوريا جزءا منها وماهية الدور الالماني وقتها الذي يشبه كثيرا دور ايران في سوريا اليوم.

باختصار ضعفت هذه الدولة التي كان عمرها يقارب الـ 600 عاما في اواسط العام 1850 لعوامل كثيرة وبدأ نفوذ الدول الغربية يزداد فيها ، وامعنت هذه الدول في استغلال ضعف الدولة العثمانية للقضاء على هذا العدو "الاسلامي" الذي شكل تهديدا لعروش ملوك اروبا على مدى مئات السنين.

واكثر الاسلحة فتكا بالدولة الضعيفة كان استغلال موضوع الاقليات والقوميات وزرع الفتنة بين الشعوب المتعددة المشكلة للدولة.

وبهذه الحجة دعموا تيارا جديدا من الشبان "الاغرار" الاتراك لينقلبوا على شريعة السلطان ، لم يكن احد يشكك فيها في ذاك الوقت وهي شرعية موغلة في القدم لدولة ملكية عمرها سبعة قرون ومركز الخلافة الاسلامية لاكثر من 400 عام.

هؤلاء الاتراك الجدد والذين عرفوا فيما بعد بعد  "جمعية الاتحاد والترقي " او "الاتحاديين" كانوا في معظمهم ضباطا في الجيش العثماني تم تجنيدهم وتنظيمهم بشكل غير مباشر من قبل الدول الغربية للانقلاب على حكم السلطان بدعوى تحقيق "ملكية دستورية" بدلا من الملكية المطلقة التي كان يحكم بموجبها السلطان العثماني.

وباختصار شديد ايضا لم يقبل السلطان عبد الحميد الثاني حينها ان يواجه انقلاب العسكر عليه بالقوة العسكرية رغم ان كثير من المصادر تؤكد امتلاكه القدرة على قمع هذا "الانقلاب" ، ولكنه بحسب المصادر وحسب مذكراته هوشخصيا لم يرتضي ان يريق الدماء في سبيل الاحتفاظ بالسلطة.

وتمكن الاتحاديين من الحكم وبرز ثلاث شخصيات منهم هم ، انور ، وطلعت وجمال باشا المعروف في منطقتنا بالسفاح.

وحولوا استبداد الحكم الملكي الفردي لاستبداد جماعي بينهم هم الثلاثة وسيطرو على الحكم بشكل مطلق في الدولة العثمانية التي كانت وقتها على ابواب الحرب العالمية الاولى.

ما اريد ان اقوله بهذا الايجاز الذي يلخص فترة غاية في الاهمية من تاريخ منطقتنا ، بان هؤلاء المستبدين الثلاث لم يكن لديهم شرعية لحكم الدولة وكان لا بد لهم وقتها من الاستعانة "بالاجانب" لتثبيت الحكم وتحقيق الانتصارات الداخلية والخارجية وهي شعارات تشبه الى حد كبير الشعارات التي حكم فيها كل من جاء الى الحكم في منطقتنا باسم "العسكر"..

وتم اختيار "الالمان" لاسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا ، وتغلغل النفوذ الالماني في الدولة العثمانية ، تماما مثلما تغلغل الايرانيين في سوريا لحماية الحكم "اللاشرعي" لبشار الاسد ورجاله منذ وراثته لحكم الجمهورية ويتعاظم هذا الدور الايراني طبعا في الحرب وعندما تصبح "الدولة" السورية ونظامها معرضا للزوال ..

وبعد هذه "السيرة" الطويلة .. يأتي اليوم قرار واضح ومعلن بتعيين "شمخاني" "الايراني" في منصب " المنسق الأعلى للسياسات العسكرية والأمنية مع سورية وروسيا " ليذكرنا بالمنسقين "الالمان" الذين توافدوا على الدولة العثمانية قبل انفراطها واصبحت لهم اليد الطولى في الحكم وادارة شؤون البلاد وعلى رأسهم الجنرال "وليمان سندرس" ( 1914) الذي جاء بصفة مستشار للجيش العثماني وتبين لاحقا بانه كان القائد الفعلي للمعارك العسكرية خاصة تلك التي وقعت في فلسطين ومكنت الانكليز من احتلال القدس وبعدها السيطرة على كامل سوريا في القصة المعروفة بالتعاون من الشريف حسين وابنه فيصل فيما عرف "بالثورة العربية"..

 

قد لانعرف اليوم كثيرا من التفاصيل ، وقد تبدوا الكثير من الوقائع غير مفهومة ويلفها الغموض ، وهنا تأتي قراءة التاريخ لكي تساعدنا في تفسير ما يجري لا بل تعطينا القدرة على استشراف المستقبل .. شمخاني الحاضر هو سندرس الماضي وهي استمرار في سياسة تجزأة المجزأ .. واكمال حرب بدأت منذ قرون هدفها تحويل المنطقة لمجرد فتات ..

 

نضال معلوف

RELATED NEWS
    -