بعد ان سيطر على الجيش كيف سيطر الاسد على الاحزاب والحياة السياسية في سوريا
في 15 اذار من العام 1972 تم تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية، وبحسب ميثاقها كانت نتيجة طبيعية لـ "الحركة التصحيحية" التي يقصد بها انقلاب حافظ الاسد في 16 تشرين عام 1970 الذي تخلص فيه من رفيقه صلاح جديد، وبعدها تسمية الاسد رئيسا لـ "الجمهورية" بعد استفتاء عام 1971.
وعمليا كان قيام الجبهة بمعنى حصر العمل الحزبي فقط في اطارها هو إلغاء للاحزاب في سوريا وللحياة السياسية الى غير رجعة.
ورأينا يوم امس الاحتفال بالعيد الذهبي لتأسيسها، وسمعنا الخطابات التي تبدو الكلمات فيها استخرجت بعد 50 عاما من "فريزر" السلطة المتركزة بيد النظام وعائلة الاسد اليوم.
ونظريا فكرة الجبهة هي حصر العمل الحزبي السياسي في ائتلاف يقوده حزب البعث العربي الاشتراكي.
وعمليا هي إلغاء للاحزاب وبالتالي للعمل السياسي بشكل عام، فقد حظر الميثاق العمل في اوساط الجيش والطلبة على باقي الاحزاب وحصره بحزب البعث، وألزم احزاب الجبهة بالتقيد بمنهاج البعث وقررات مؤتمراته الحزبية واقر اتخاذ القرارات على كل المستويات بالاغلبية البسيطة، في المقابل استحوذ على 50 بالمئة زائد واحد من الاصوات.
وبالتالي فان مجموع اصوات كل الاحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة لا تستطيع ان تقرر بدون موافقة حزب البعث والعكس صحيح، يستطيع حزب البعث ان يقرر ما يشاء بغض النظر عن موافقة جميع احزاب الجبهة.
باختصار انه داخل الجبهة يستطيع البعث من خلال عملية "ديموقراطية بسيطة" رفض اي طلب يتقدم به اعضاء الجبهة مجتمعين.
وبالتالي السماح بالعمل لحزب سياسي مرهون بدخول الجبهة، ما يعني إلغاء اي وزن للحزب او الكيان المنضوي تحت لواء الجبهة وتحويله الى تابع كامل لحزب البعث لا لون له ولا رائحة..
ولم يقتصر الامر على ادخال الاحزاب هذه الحظيرة بل ادخل فيها ايضا الاتحادات الفعالة التي يشكل اعضاءها غالبية السوريين، وهي اتحاد العمال والفلاحين والطلبة.
صادر البعث العمل الحزبي وصادرت عائلة الاسد مهام حزب البعث وبات العمل السياسي منذ 50 عاما محصورا في يد شخص واحد وريث الحكم من عائلة الاسد.