البنود غير المعلنة في محادثات أستانا؟
انتهت الجلسة 16 من محادثات أستانا بصدور بيان يشبه بيانات الجلسات السابقة من حيث الإطار العام دون وجود إشارات الى وجود مفاجآت .. يمكن القول بان الاتفاق ماض في ذات المسار وبنفس الوتيرة المتباطئة في إيجاد حل نهائي للقضية السورية.
لنفهم مسار أستانا يجب ان نولي انتباها خاصة لعبارة "مناطق خفض التصعيد" التي ارتبطت به.
شاهد التقرير كاملا ..... اضغط هنا
في العام 2017 عندما تشكل هذا المسار بين روسيا وتركيا كان الصراع في سوريا قد وصل الى نقطة تتقاطع فيها مشاريع الدول المتدخلة في سوريا وكان لابد من تنظيم هذا الصراع حتى لا تنجر هذه الأطراف الى حرب حقيقية في الأرض السورية.
وبعد الجلسة 16 أصبح المسار واضحا تماما .. المماطلة في الحل السياسي وإدارة الصراع الميداني لتحقيق مصالح الأطراف المتدخلة بأقل خسائر ممكنة بشكل لا يؤدي الى الصدام.
ويقوم كل طرف دولي من الأطراف الداخلة بشكل مباشر في المسار ( تركيا روسيا ايران ) بالضغط على حليفها المحلي لتنفيذ الجزء الخاص الذي اتفق عليها في جلسات المحادثات.
فترى ان هناك بنود يتم تكرارها منذ بداية الجلسة الأولى للمحادثات في كانون الثاني 2017 هي الواجهة "الإعلامية" للقاءات التي تصدر في كل بيان بعد انتهاء الجلسات، مثل التأكيد على ان الحل في سوريا هو حل سياسي، والحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية ..
وبالطبع نفهم من هذا الكلام بعد كل هذه الجلسات بان هذا هو الهدف النهائي للمحادثات التي تسعى للحفاظ عليه الى ان تصل الى نهايتها التي لا احد يستطيع أن يحدد تاريخها.
وأيضا الجدير بالذكر بأن في كل جلسة يتم الاتفاق بشكل تقريبي على موعد الجلسة القادمة ، وهذا أيضا مؤشر على استمرار هذا المسار وبأن القصة طويلة ..
وبالعادة تتناول وسائل الإعلام هذه البيانات بان تصفها بأنه لا جديد فيها.
والحقيقة هذا صحيح في المعنى المباشر للبيانات.
ولكن اذا أخذنا مسار الأحداث وكيف تتطور بعد كل جلسة ، يمكن ان نصل الى بنود يتم الاتفاق عليها دون الإعلان عنها، وندركها بعد تنفيذها على الأرض.
لا يتسع الوقت لشرح كل التغيرات التي حدثت ، ولكن سأكتفي بعرض خريطتين لمناطق السيطرة في سوريا بين جلسات المحادثات في العام 2019 و 2020، لنلاحظ التغيير الذي طرأ والذي نفذ بشكل مضبوط من خلال الاتفاق المباشر للقوى الثلاث بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية.
قضم أراض من ادلب تحت السيطرة التركية ووضعها في سيطرة روسيا والنظام ، تمكين تركيا من قضم مساحات نفوذ إضافية في الشمال ، تمكين النظام من التواجد الى الطرق الرئيسية .. الخ.
اذاً في البنود غير المعلنة يتم هندسة توزيع النفوذ لضمان وصول المشاريع المقررة الى نهايتها.
السؤال الآن هل هذا شر مطلق للسوريين ؟
يمكن ان نؤكد بان ما يجري في هذا المسار وكل المسارات ونتائج التدخلات الأجنبية لا تصب بالطبع في مصالح الشعب السوري الإستراتيجية ..
ربما يحصل سكان بعض المناطق على مكاسب مؤقتة متمثلة في الأمان والأمن النسبي وضبط الصراع المسلح وعمل الفصائل والمساعدة في إدارة المناطق ومنع الصدام او محاولات تغيير مناطق النفوذ خارج خطط الدول الضامنة .. الخ
ولكن في المحصلة المكاسب الكبيرة والأهداف النهائية تتعلق بمصالح الدول الضامنة نفسها ومصالح القوى المتدخلة في الصراع في سوريا.
وكما رأينا تزامنت الجلسة الأخيرة للمحادثات مع موعد قرار مجلس الأمن لتمديد دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى لسنة إضافية ، ورأينا كيف ان الموقف الروسي الرافض المتشدد من قضية التمديد تغير بعد المحادثات وحصل القرار على موافقة بالإجماع في مجلس الأمن ..
ولكن من المؤكد أن هذا لن يكون بدون ثمن ..
ما هو الثمن .. ؟
سيظهر على الخريطة في نسختها العام القادم.
نضال معلوف
للاطلاع على مواضيع اخرى تهمك ،تابع قناة اليوتيوب... اضغط هنا