سوري وموز وتركيا..
اذا تصفحتم اليوم حسابات السوريين خاصة المتواجدين في تركيا لن تجدوا الا حديثا ساخرا عن الموز.. فما القصة؟
تسجيل مصور يلتقي مجموعة من الاتراك في منطقة في اسطنبول يستمزج الآراء حول وجود السوريين بتركيا، ويظهر بان هناك رأي بان يعود السوريون وكل الغرباء الى بلادهم، لا يريدون السوريين والافغان في تركيا..
لمشاهدة التقرير على اليوتبوب .. اضغط هنا
الذي تكلم طبعا ثلاثة او اربعة اشخاص بدعوى ان السوريين صعبوا عليهم الحياة ، ارتفعت الاسعار،الايجارات،معدلات البطالة بين الاتراك، وفي سياق الكلام توجه احد المشاركين الاتراك لفتاة سورية كانت تدافع عن وجودها في تركيا وقال لها انتم تستطيعون ان تأكلوا الموز ونحن لا نستطيع..
وانتشرت المنشورات الساخرة حول هذا الموضوع في نوع من التعبير عن رفض هذا التصريح.. يعيرون السوريين بأكل الموز.. بما معناه على انه سلعة رفاهية لا يستطيع الاتراك الحصول عليها..
والحقيقة بان الموز في تركيا سعره مرتفع بعض الشيء نسبة لباقي انواع الفواكة خاصة اذا كان مستوردا ، ولكن عموما في تركيا هناك الكثير من البدائل في هذه السوق الحرة تلعب المنافسة دورا كبيرا وتتدخل الحكومة بتنظيم الاسواق بحيث يمكن ان تشتري اي شيء مثلا بعشرة ليرات ويمكن ان تحصل عليه بليرة مثل كثير من دول العالم وانت وقدرتك الشرائية..
الان يجب ان نعلم بان نسبة كبيرة من السوريين موجودون في تركيا بناءا على اقامة سياحية او اقامة عمل وهؤلاء يعملون اما داخل تركيا او مع شركات خارج الحدود اون لاين.. كما ان هناك عدد لا بأس به من رجال الاعمال الذين يمتلكون شركاتهم واساسا يتمتعون بملاءة مالية منذ ان كانوا في سوريا..
نجدهم في المقاهي والمطاعم والمولات والاسواق الا وان تصادف عدة سوريين (من بين اربع ملايين سوري) في مكان عام، ربما واحد منهم لديه دخل جيد ويعيش مثل غالب الاتراك.
نعم غالب الاتراك يعيشون في كفاية، عموما.. صحيح ان التضخم ادى الى انخفاض مستوى المعيشة عند البعض ولكن ليس بذات نسبة التضخم تلك.. فقد زادت الرواتب والاجور 5 اضعاف ،وهناك زيادة قادمة لتصبح 6 بداية العام، منذ العام 2011.
استطيع ان اقدر بانه ربما انخفضت القدرة الشرائية للمواطن التركي بنسبة 20% بحسب انخفاض سعر العملة خلال السنوات الماضية لا اعتقد ان النسبة اكثر من ذلك..
بالطبع مثل اي بلد هناك فقراء.. وهناك كسالى وهناك عاطلون.. هؤلاء سيركزون على السوري الذي يبدو انه مرتاح.. ويرمون سبب بؤس حالهم على هذا السوري..
ولكن الحقيقة ليس كل الاتراك فقراء وليس كل السوريين مرتاحين و العكس هو الصحيح.. ولكن السوري المرتاح سيبدو حالة شاذة بالنسبة لرأي عام يفهم ان السوريين هنا لاجئون وفقط اتوا "ايد من ورا وايد من قدام" لكي يتجنبوا الموت ويعيشون على مساعدات الدولة..
بالعموم الرأي العام تجاه السوريين في تركيا تطور باتجاه سالب واعتقد بان هذا الاتجاه مطلوب لا احد سيعمل على عكسه او الحد من انتشاره.. لانه في خطط الدولة التركية ان يعود معظم اللاجئين الى سوريا وهذا يقتضي الا يشعر السوري بالراحة الكاملة والامان التام والا لماذا يعود.. لن يوطن الاتراك اكثر من 4 مليون سوري في تركيا.. ولن يبق حال هذه الملايين معلقا لانه سيتسبب في كثير من المشاكل.. وتركيا لها مصلحة في اعادة السوريين الى الشمال السوري وكل اعمالها تتركز حول هذا الهدف.. تكلمنا عن هذا الموضوع اكثر من مرة..
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية.. حتى حزب العدالة والتنمية سيتماهى مع هذا الاتجاه لانه يشكل اتجاها عاما.. ليس للاسباب الاقتصادية فقط هناك اسباب اجتماعية ايضا قد تغلب على مواقف الكثير من الاتراك.. والدولة لها مصلحة في الابقاء على هذا الاتجاه لزوم تحقيق هدفها والحفاظ على امنها القومي.. فاذا هذا الاتجاه من المرجح ان يتصاعد..
واليوم يحسدنا الاتراك على اننا نأكل الموز.. غدا ربما يستفزهم فنجان القهوة التي نشربها او كأس الشاي.. هذا الواقع الذي يجب ان نحضر انفسنا لنتعامل معه..
وحتى اكون موضوعيا ودقيقا ليس الامر بهذه الاهمية والخطورة اليوم.. ولكن قد يكون كذلك في المستقبل.. ويجب ان نكون جاهزين لكل الاحتمالات..