باب شرقي.. الباب الوحيد الذي وصلنا كما تركه الرومان

لكل باب من أبواب دمشق السبعة قصة امتدات على مدار قرون معاصرةً أمبراطوريات حكمت العالم وزالت مع الزمن، لكن أبواب دمشق مازلات شامخة في مكانها تروي لابناء المدينة قصة الحرب والسلم، الحياة والموت، الحب والكراهية، التعايش والمكائد

لكل باب من أبواب دمشق السبعة قصة امتدات على مدار قرون معاصرةً أمبراطوريات حكمت العالم وزالت مع الزمن، لكن أبواب دمشق مازلات شامخة في مكانها تروي لابناء المدينة قصة الحرب والسلم، الحياة والموت، الحب والكراهية، التعايش والمكائد لتؤكد أن الحياة والحب والسلم والتعايش هم فقط ما يليقوا بهذه المدينة.

باب شرقي هو واحد من الأبواب السبعة الرومانية لمدينة دمشق القديمة، وهو الباب الوحيد الذي وصلنا تقريباً كما تركه الرومان، ويُنسب إلى كوكب الشمس، ورمز له  بالإله الإغريقي "هيليوس" راكباً على عربة تجرها أربعة خيول وحول رأسه هالة مستديرة تنبعث منها حزم من النور، ويقابله عند الرومان إله الشمس "سول".

بُني في عهد الإمبراطور الروماني "سبتيموس سيفيروس"  ثم ابنه "كاراكلا" في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي في الناحية الشرقية للطريق المستقيم الذي ورد ذكره في الإنجيل.

ويتألف الباب من ثلاث فتحات مقوسنة، أوسطها أكبرها، وعلى طرفيها فتحتان أصغر منها، واحدة إلى الشمال والأخرى إلى الجنوب، وهما يفضيان مباشرة إلى الرصيف وإلى رواقي الشارع المستقيم، وقد سُدت منه الفتحتان الوسطى والجنوبية في العصر الإسلامي من اجل التحصين، وتركت الشمالية مفتوحة كما يذكر "ابن عساكر"، ولا يُعرف تماماً ارتفاع المداخل لأن مستوى المدينة ارتفع مع الزمن كما غطيت جوانبها بالتراب المتراكم عبر الحقب الطويلة، ويقدر ارتفاع المدخل الصغير الشمالي بـ 317سم وعرضه 288سم. 
تعود شهرة باب شرقي لعام 14 للهجرة حيث نزل فيه خالد بن الوليد  بعدما حاصر المدينة  لمدة أربعة أشهر، وكان جيشه يقيم في  فسحة سماوية مقابل مسجد الشيخ رسلان وقد أُقيم فيها مسجد خالد ويُعتبر أول ما أنشئ في دمشق من جوامع، ولم يخرب عند الفتح، واستمر على وضعه السليم خلال العهد الأموي حتى كان العهد العباسي سنة 132هـ حين نزل عليه القائد "عبدالله بن علي" ومنه دخل إلى المدينة وخرب الباب وهدم قسماً من السور وقضى على الأمويين.


ومن هذا الباب أيضاً دخل الملك العادل السلطان "نور الدين محمود بن زنكي" الملقب بالشهيد لما ضم دمشق إلى إمارته سنة 549هـ، ويمكن اعتبار هذا التاريخ بداية إحياء السور والأبواب وردّا الحياة إليهما بعد نقضهما في العهد العباسي، وكما بدا عهد "نور الدين" عنايته بالسور والأبواب، فالخطر الصليبي كان يتهدد دمشق، والدفاع عن المدينة يتطلب وقتذاك أسواراً وأبواباً أمنع وأكثر صموداً، فجدد الباب الشرقي سنة 559هـ ورفع فوقه مداميك من الحجارة الصغار زيادة في تحصينه، كما أضاف إليه من داخله قوساً بعضادتين، ورفع فوقه مئذنة مربعة مرتفعة، وبنى وراءه مسجداً صغيراً، كما أقام أمامه من الخارج باشورة.
داخل الباب الشرقي الصغير يوجد كتابة مشوهة تؤرخ إعادة بناء هذا الباب من قبل نور الدين الزنكي "بسم الله الرحمن الرحيم- أمر بعمارة هذا الباب والأسوار والخندق مولانا المللك المؤيد الناصر العادل العالم عماد الدنيا والدني ناصر الإسلام والمسلمين محييي العدل في العالمين خليل أمير المؤمنين السعيد الشهيد "نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي" خلده الله ملكه وغفر له ولوالديه وذلك في سنة تسع وخمسين وخمسمائة".

 وفي العهد الأيوبي أُخذت حجارة القنطرة الرومانية لتبلط بها أرضية الجامع الأموي، وفي العهد المملوكي رُمم الباب ودُعّم ولكن جرت عليه معارك عنيفة بين المماليك أنفسهم.

وفي أواخر القرن التاسع عشر هدمت الباشورة من أمام الباب وأزيل المسجد الصغير، وفي القرن العشرين تم إعادة فتح البوابتين الوسطى والجنوبية من الباب بعد ترميمه ترميماً شاملاً.

سيريانيوز

 

 

02.02.2017 13:48