أنماط التفكير البالية.. يجب خلعها مع "المخلوع"...بقلم : أبو سامي
كمية القهر المتراكم داخل كل فرد سوري تشكل عائقًا أمام التفكير المنطقي. أحاول هنا أن أجمع أنماط التفكير التي كانت سائدة في عهد "المخلوع" والتي لا تزال، في رأيي، قائمة حتى اليوم.
أنا أدعو إلى نقاش هادئ وعقلاني. اللطم، البكاء، الغناء، والصراخ ليست في محلها هنا. أحاول تقديم تحليل منطقي وموضوعي، قابل للنقد والتعديل.
فلننطلق:
1 – "ليس هذا وقته الآن"
كانت هذه الفكرة مفضلة لدى "المخلوع" ومؤيديه.
العديد من المطالب المحقة كانت تُرفض بحجة أن الوقت غير مناسب. غالبًا، الشخص أو المنظومة التي تستخدم هذا الأسلوب تكون عاجزة عن تقديم إجابات أو تخشى أن تؤدي الإجابة إلى كشف حقائق كارثية.
من وجهة نظري، لا يوجد أي طرح فكري يجب رفضه بهذا المنطق، فهذه ليست طريقة صحيحة للتعامل مع الأمور. السلطة يجب أن تكون قادرة على التعامل بجدية مع معظم القضايا المطروحة.
2- "لا يوجد بديل"
كثيرًا ما سمعنا هذه العبارة، والتي تعني أن الموجود في السلطة سيئ، لكنه "لا بديل له". ولم يكن ذلك مقتصرًا على رئيس الجمهورية فقط، بل حتى على مدراء المؤسسات.
الحقيقة أن البديل موجود دائمًا، شرط أن تتم التعيينات وفق معايير الكفاءة والمؤهلات، وليس الولاء، مع وجود آلية حضارية وسلمية "لخلع" من لا يستحق منصبه.
٣- فخ الشعارات والأيديولوجيات
الشعارات والأيديولوجيات يجب ألا تحتل أكثر من نصف صفحة في أي برنامج انتخابي.
أما الجزء الأهم، فيجب أن يتناول خططًا واضحة بشأن الصحة، التعليم، الاقتصاد، البنية التحتية، القضاء، الأمن، حماية الأطفال، إدارة الكوارث الطبيعية، العلاقات الخارجية (بما في ذلك موقفنا من إسرائيل)، دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، المجتمع المدني، الجمعيات التطوعية، تمويل المدارس، الأنشطة الرياضية والفكرية للأطفال والشباب، مكافحة البطالة، ضمان الحريات الفردية والسياسية، تشكيل الأحزاب، وحماية الأقليات والتنوع الثقافي.
في حالتنا الخاصة، يجب أن يشمل البرنامج إعادة الإعمار والمصالحة الوطنية.
كل ما سبق لا يمكن الإجابة عليه بالشعارات، بل يحتاج إلى تفكير منطقي جماعي.
٤- المناصب على أساس الولاء وليس الكفاءة
لا حاجة هنا للإطالة، فالمسألة واضحة.
٥- تقديس القائد والغناء له
هذه الظاهرة لا توجد إلا في الأنظمة السياسية والمجتمعات الفاشلة.
أساس نجاح أي منظومة هو النقد وال (Feedback).
في الواقع، رئيس الجمهورية ليس قائدًا ولا زعيمًا ولا سلطانًا ولا "أبًا للأمة"، بل هو "موظف" و"مسؤول"، ويجب أن يكون دائمًا تحت المساءلة. هذا المنصب وغيره من المناصب لا تحتاج إلى المدح، بل إلى المحاسبة.
٦- مهاجمة الشخص بدلًا من مناقشة الفكرة
أي فكرة لا تتوافق مع سردية السلطة يتم مهاجمة صاحبها بدلًا من مناقشة مضمونها.
فيصبح صاحب الفكرة "عميلًا"، "جاسوسًا"، أو "تابعًا لجهات أجنبية معادية".
٧- الخوف من تسمية الأشياء بمسمياتها
كان "المخلوع" يخشى بشدة تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية.
مثال: البعض كان يغضب إذا قيل إن "بشار الأسد ديكتاتور"، رغم أن هذا وصف موضوعي تمامًا.
٨- انفصال السلطة عن الواقع
لا أعتقد أن أي سوري ينسى خطاب "المخلوع" الأول عند اندلاع الثورة في درعا، حيث أمضى وقته ضاحكًا في حين كان الناس يُقتلون، بينما كانوا ينتظرون منه موقفًا جادًا.
عندما تفقد السلطة القدرة على إدراك ما يحدث على الأرض، وحاجات كل منطقة، تنفصل عن الواقع. ولهذا السبب، تحتاج دائمًا إلى الحوار، النقد، وال (feedback).
يجب أن يكون مصدر معلوماتها الشعب، الإعلام الحر، الهيئات المستقلة، ومنظمات المجتمع المدني، وليس الأجهزة الأمنية فقط.
٩- جهاز الأمن لحماية السلطة وليس الشعب
هذه النقطة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح إضافي.
١٠- غياب البرامج الانتخابية
من غير المعقول أن يكون البرنامج الانتخابي مجرد شعار مثل:
"سوا"، "الأمل بالعمل"، "سوريا بخير"، أو "منحبك"!
بل الأسوأ من ذلك، أن تكون هذه الشعارات رديئة أيضًا!
في النهاية، وصلت إلى عشر نقاط، وربما أكون أنا المنفصل عن الواقع هنا!
دمتم بخير.
---------------------------------------------------------------
*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع
*ارسل مساهمتك على الايميل info@syria.news