اللجنة الدستورية .. هل هي بداية للوصول الى حل نهائي في سوريا ؟
اخيرا تم الاعلان عن الوصول لاتفاق تشكيل اللجنة الدستورية، متأخرة سنوات عن موعدها المقرر كخطوة في سياق مسار الحل السياسي المأمول وفق التفاهمات والقرارات الدولية، اتفاق خلق اختلاف في وجهات النظر حول جدواه وفيما اذا يمكن اعتباره بداية نهاية الازمة.
اذاً 150 عضوا موزعة الى ثلاثة اقسام ، 50 عضوا للنظام ، 50 عضوا للمعارضة و50 عضوا تم اطلاق اسم "المجتمع المدني" عليهم وهي قائمة تم اختيارها من قبل الامم المتحدة واستغرق الاتفاق على الاسماء الواردة فيها شهورا طويلة لانه يمكن اعتبارها "بيضة القبان" بين "الارادتين المتصارعتين المعارضة والنظام السوري لصياغة الدستور السوري.
البنود التي تناقش في اعمال اللجنة تقرر بأغلبية 75% من اصوات الاعضاء اي بموافقة 113 عضو من اصل 150 ، وهذا يعني بان كتلة المعارضة زائدا كتلة المجتمع المدني مجتمعة لن تستطيع اقرار اي بند في حال لم يوافق عليها النظام، الذي غالبا سيتكلم بصوت واحد بحيث لن يكون من الممكن ان نستحصل من اعضائه على 13 صوتا تدعم ما تذهب اليه المعارضة.
كما ان النظام لن يستطيع فرض اي بند ولو استحوذ على كامل اصوات اعضاء المجتمع المدني وسيحتاج الى صوت 13 عضو من المعارضة هو الاخر.
تبدو المهمة في حسبة الرياضيات هذه مستحيلة ، واعمال اللجنة متوقفة قبل ان تبدأ فهل هذا الواقع ..؟
يمكن ان يكون هذا الواقع في حال لم تتوفر الارادة الدولية في اقرار بنود الدستور ، فكلنا نعلم بان السوري اليوم لم يعد يمتلك قراره، ولا احد ينكر ان تشكيل اللجنة بحد ذاته كان ارادة دولية ، فهل يكون الدستور السوري القادم "ارادة دولية" كذلك؟
هل تفرض روسيا على النظام الصيغة التي تم التفاهم عليها مع الولايات المتحدة وباركتها ايران وتركيا ..؟
لا يمكن الاجابة على هذا السؤال الا اذا وضعناه في محيطه ، في الظرف العام الذي اوجدت فيها اللجنة الدستورية ..
اضطرابات في لبنان ومظاهرات في العراق ورائحة حرب في الخليج العربي.
الامور لم تستقر في ليبيا ، وفي مصر - كما ظهر لنا في الاسابيع الماضية - الوضع ليس مستقرا كما يبدو عليه ..
عملية ادلب توقفت ومعظم اراضي المحافظة ما زالت تحت سيطرة جبهة النصرة ( القاعدة ) ، فيما تلوح في الافق اشارات بدء عملية عسكرية تركية في شرق الفرات
تحرك اميركي واسع لضرب المصالح الايرانية في المنطقة ، وعودة ظهور داعش في سوريا ومعاودتها مهاجمة نقاط للنظام ..
اذاً .. المنطقة ما زالت في حال حراك عام لم يصل الى اتخاذ شكله النهائي بعد ... ( واعتقد بانه لم يقترب حتى من النهاية اذا لم يكن بعيد جدا عنها )
وهنا اذا كنا نذكر بان شرط انطلاق عملية المسار السياسي وفق القرارات الدولية ( اهمها القرار 2254 - مجلس الامن ) هو وقف العمليات العسكرية .. ، ونرى اليوم بان هذا غير موجود على الارض ، على العكس الوضع مرشح لمزيد من التأزم .. فأي عملية سياسية سنبدأ اليوم وما هي فرص نجاحها ان بدأت اصلا .. ؟
لا شك ان التعاطي مع اعمال لجنة مشكلة لبحث دستور لسوريا برعاية الامم المتحدة امر لازم ومتابعة اعمال اللجنة بجدية هو خيار في مكانه ، وان كان لدينا كثير من الشكوك حول جدوى اعمال اللجنة والنتائج التي ستصل اليها .. والاهم كيف ستصبح هذه النتائج ملزمة في ظل تجاوز قرارات سابقة صادرة عن مجلس الامن .. لم يطبقها احد ؟
ولكن كيف يمكن التخلص من الشكوك حول بدء اعمال اللجنة اساسا ونحن نتقدم في شهر تشرين الاول الذي من المقرر ان تبدأ اعمال اللجنة في اخره ..
في وقت لم تعلن الامم المتحدة بعد عن قائمة الاسماء النهائية المشاركة في اللجنة الدستورية .. ولن تعلن عنها الا عندما "يؤكد كل المرشحين حضورهم بشكل رسمي" .. ! وذلك بحسب نص الاحاطة التي قدمها مبعوث الامم المتحدة الى سوريا "غير بيدرسون" الى مجلس الامن بداية الشهر الجاري !؟
نضال معلوف