على عكس ما يعتقد الكثيرون ...فنون "الاتيكيت" و"الازياء" من الشرق ومؤسسها زرياب ؟

04.09.2019 | 14:52

موهبة، ثقافة، وطاقة إبداعية تجاوزت مجال الفن إلى المجال الاجتماعي، تمتع بها أبو الحسن علي بن نافع الملقب بزرياب، وهي كلمة  فارسية معربة تعني صاحب صوت ذهبي، وما زال الوصف شائعاً حتى وقتنا الحاضر، لذوي الأصوات الجميلة

ولد في بغداد وتوفي في قرطبة حوالي عام 857م عن عمر يناهز السبعين عاما.

 انتقل زرياب من بغداد إلى الأندلس وحظي برعاية الإمارة الأموية، بعد وفاة الرشيد حيث تردت الأوضاع الاقتصادية في عاصمة الدولة العباسية بسبب اقتتال الأمين والمأمون ، وخشي زرياب على نفسه من المأمون لأنه مناصر للأمين، إضافة إلى خلافه مع أستاذه إسحاق الموصلي، ورغبته في تحقيق المجد والشهرة.  

 لم يقتصر إبداع أبو الحسن في مجال الفن فقط على أرض الاندلس إنما ترك آثاراً جمة في حياة أهلها الاجتماعية، حيث وضع للطبقات الراقية قواعد السلوك وآداب الجلوس والمحادثة والطعام حتى اتخذه ملوك أهل الأندلس وخواصهم قدوة فيما سنّه لهم من آداب وسمّوه  "معلم الناس المروءة" .

ودرب زرياب هؤلاء على إعداد مائدة راقية، تقدم فيها الأطباق حسب ترتيب خاص، فتوضعُ أولا أطباق الشوربة والسواخن، تليها أطباق اللحم والطيور المتبلة بالبهارات الجيدة، وفي النهاية تقدم أطباق الحلوى، وأخذوا عنه استخدام آنية الزجاج الرفيع في موائدهم بدلاً من الأواني الذهبية والفضية،  لأنه أسهل تنظيفاً، وأجمل منظراً، واستبدل غطاء الكتان من موائدهم الخشبية بالجلد الأملس الناعم، لسهولة تنظيفه، وأيضا ابتكر ألواناً من الطعام لم يعرفوها من قبل، إضافة إلى ما نقله لهم من ألوان الطعام البغدادي وطرق إعداده

وشرح زرياب لأهل الأندلس فن التجميل والعناية بالبشرة وإزالة رائحة العرق، كما علمهم طرق إزالة الشعر، واستعمال ما يشبه معجون الأسنان في أيامنا وأدخل إليهم طرقا جديدةً لقص شعر الرأس وتسريحه.

كما وضع لهم نظاماً لارتداء الأزياء تبعاً لفصول السنة وتقلبات الجو، حيث يلبس الناس الملابس القطنية البيضاء في فصل الصيف، والثياب الملونة ذات الحشو والبطائن الكثيفة في الخريف، ويزيدوا في فصل الشتاء  إلى أثخن منها من الملونات وصنوف الفراء، ثم ينتقلوا في فصل الربيع إلى ألبسة الحرير الملونة التي لا بطائن لها، ونقل طريقة تنظيف الملابس البيضاء.  

في مجال الموسيقى عدل زرياب على آلة العود، إذ جعلها أخف وزنا كما استخدم مواد جديدة في صناعة الأوتار كالحرير ومصران  الحيوانات حيث أصبحت أمتن وأفضل أداء للألحان، كما استبدل المضراب الخشبي الخشن الذي يؤذي الأوتار بآخر من قوادم النسر الأكثر خفّة وليونة، وأضاف إلى العود وتراً خامساً.

 وافتتح زرياب في قرطبة مدرسة لتعليم الموسيقى والغناء، حتى أنه كان لا يقبل فيها إلا الطلبة الموهوبين الذين تتوافر فيهم قابلية التعلم، ووضع أسس يختار عن طريقها المتقدمين، كما ضم فيها طلاب عرب ومسلمين وآخرين من دول أوروبية، ساهموا في نقل الموسيقا الأندلسية إلى أوروبا لاحقا، إذ لم تكن تعرف إلا الموسيقا الدينية.

 

 اعداد : سيريانيوز


TAG: