قناديل ام هاشم .. توقد ايمان شرقي اطفأته برودة الغرب ..

يحي حقي من الكتاب القلائل الذين يمتلكون القدرة على جعل القارئ يعيش القصة من خلال عدد قليل من الصفحات التي لا تحمل فقط تفاصيل الاحداث وانما كثير من المعاني التي تستدعي التأمل والتفكير.

اربعة مجموعات من القصص القصيرة للكاتب الذي عاش بين عامي 1905 – 1992 ،بكل ما شهدته هذه السنوات من تحولات جذرية في المنطقة، كانت كافية لتضعه كعلامة بارزة في تاريخ الادب العربي الحديث.

قناديل ام هاشم اشهر مجموعة قصصية له ، وعندما تمسك هذا الكتاب ضئيل الحجم ، ستسأل نفسك كيف استطاع الكاتب ان يحجز لنفسه مكانة مرموقة بين ادباء مصر من خلال هذا الكتاب الذي يتضمن بعض القصص القصيرة.

وسيتكشف لك السر وانت تقرأ وتفهم في نهاية المجموعة المؤلفة من 110 صفحة من القطع الصغير بان الكاتب يمتلك بالفعل قدرة استثنائية على التعبير والايجاز وايصال الصورة والفكرة بعدد قليل من الكلمات.

عندما تنتهي من قراءة قصة "قناديل ام هاشم" التي لا يتجاوز عدد صفحاتها 50 صفحة ، ستشعر وكأنك قرأت رواية طويلة غنية بالاحداث والافكار ، وما سيشعرك بالاستياء حقا بانك لم تمض وقتا طويلا للتمتع  بقراءة اطول ، وتتمنى لو كان هناك المزيد.

وام هاشم هي "السيدة زينب" التي يعيش بطل الرواية بالقرب من الجامع الذي يحمل اسمها في القاهرة ، وتدور احداث القصة حول هذا الشاب الطموح الذي يعيش في بيئة شعبية ويكون له الحظ بان يستكمل دراسته في الغرب ليعود طبيبا الى وطنه ، ليدخل صراعا معقدا  بين فكر الشرق الذي يتركز حول الايمان وحياة الغرب التي يشكل جوهرها العلم والحقائق.

لن افسد عليكم القصة بان اورد تفاصيل اضافية عنها ، ولكن يمكن ان اشهد لمقدرة الكاتب بتضمين الاحداث والحوارات افكار عميقة تجد نفسك رغم التشويق في سياق العرض مضطرا للتوقف والتأمل في معاني الكلمات والجمل.

حوار بين اسماعيل "البطل" وبين صديقته في الغربة تقول له " من طلب اخلاق الملائكة غلبته اخلاق البهائم " و"الاحسان أن تبدأ بنفسك" ..

وفي وصف حال الشرق يكتب عبارة غاية في الروعة وفيها حكمة كبيرة اذ يقول " .. شجرة اينعت واثمرت زمنا ثم ذوت وهيهات هيهات ان تدب فيها الحياة من جديد".

يقول ايضا في الحب " إن المحب لا يقيس ولا يقارن ، واذا دخلت المقارنة من الباب ولى الحب من النافذة.."

ام هاشم ليست القصة الوحيدة في المجموعة القصصية ولكنها اجملها ، مع ما تحمل باقي القصص من غرابة وجمال.

اتمنى لكم كل المتعة والفائدة في قراءتها .

 

نضال معلوف