هل تنتهي حدود حرية التعبير عند المقدسات الدينية؟

إلى أي مدى يمكن ممارسة حرية التعبير؟ وهل يجب أن تُمارس بلا قيود كمبدأ للديمقراطية، كما تقول الدولة الفرنسية، أم أنها تقف عند حدود عدم الإساءة إلى المعتقدات الدينية، كما ترى العديد من المؤسسات الإسلامية؟
ما تلبث الجدلية المتواصلة حول حرية التعبير وازدراء المقدسات الدينية أن تهدأ حدتها، حتى تندلع مرة أخرى. وهذا الخريف اشتعل السجال مجددا ً مع إعادة نشر مجلة شارلي إيبدو الساخرة الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد تزامناً مع بدء محاكمة 14 شخصا في فرنسا في قضية الهجوم المسلح على مقر المجلة الساخرة قبل أكثر من خمس، والذي أودى بحياة اثني عشر شخصاً.
وفي وقت لاحق أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطة حكومته لمكافحة ما وصفه بـ "بالانفصالية الإسلامية". وفي أعقاب ذلك، شهدت باريس ونيس ودريسدن وفيينا هجمات إرهابية ذات دوافع إسلاموية.
من جهة أخرى دعت دول ذات أغلبية مسلمة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية. وتواصل السجال بين عدد من الدول الأوروبية، التي تدافع عن مبدأ حرية التعبير ودول إسلامية تعتبر الرسوم الكاريكاتورية للنبي ازدراء للأديان وتحريضاً على الكراهية. ومن أبرز التطورات في هذا الصدد، كان اتهام الرئيس التركي أردوغان نظيره الفرنسي بمعاداة الإسلام.
"استفزاز غير مقبول"
المؤسسات الإسلامية الرسمية حول العالم متفقة على أن ازدراء الأديان يجب ألا يكون جزءًا من حرية التعبير. جامع الأزهر ندد بالرسوم الكاريكاتيرية ووصفها بـ "استفزاز غير مبرر لمشاعر نحو ملياري مسلم في جميع أنحاء العالم" وطالب بسن "قانون دولي يُجرّم معاداة الإسلام والتمييز". كما دعا إمام الأزهر أحمد الطيب إلى احترام الرموز الدينية. واتهم مجلة شارلي إيبدو بتخريب الجهود العالمية للمؤسسات الدينية التي تحاول بناء حوار بين الأديان.
وفي سويسرا ندد اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا بالعنف وشدد أيضًا على أن حرية التعبير عن الرأي هدفها في المقام الأول "التعلم وعدم الإساءة إلى الآخر". وأشار إلى أن "الاستهزاء بالرموز الدينية من أجل إظهار حرية التعبير سلوك غير ملائم".
"هذه القيم غير قابلة للتفاوض"
في هذا الصدد، يرى أحمد منصور، الرئيس التنفيذي لـ "مبادرة منصور لتعزيز الديمقراطية ومنع التطرف" (في ألمانيا) و مدير برنامج في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية (في بروكسل) أن تصريحات المؤسسات الدينية "نوع من النفاق، لأن حرية الأديان تعني أيضًا حرية انتقاد الأديان، وهذا أمر غير قابل للتفاوض"، على حد قوله.
ويطالب أحمد منصور، وهو مواطن ألماني من أصل فلسطيني، بعدم تقديم أي تنازلات، لأن "الأمر لا يتعلق بوجهتيْ نظر لديهما ذات الاستحقاق، نحن أمام مجتمع أصبح مستنيراً لأنه تعاطي مع الدين من منظور نقدي، وتحرر من هذه المحرمات. ومجتمع آخر ما زال متمسكاً بأفكار لم تشهد تجديداً".
يخشى منصور من أن التراجع عن قيم حرية التعبير سيفتح الباب أمام فرض محرمات على قضايا أخرى: "في المستقبل لن تقف المحاذير عند مجرد صورة كاريكاتورية، لكنها قد تصل إلى منعى من القول بأن الإرهاب له جذور دينية ومع الوقت ستنشأ الكثير من المحرمات التي تدمر جميع قيم الديمقراطية في أوروبا. وهذا لا يصب في مصلحة أي شخص، ولا حتى المسلمين أنفسهم".
وتابع منصور: "بمجرد أن نقبل ببعض استثناءات، فإننا نقبل شرًا صغيرًا لخلق حالة من الهدوء على المدى القصير. لكن نقاط الصراع ما تزال قائمة ومرشحة للانفجار في أي وقت. الشباب المتطرف في أوروبا لم ينضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي بسبب الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، ولكن لأن الإيديولوجيا كانت دافعهم".
هل يصب الاستفزاز إلى أقصى حد في مصلحة الحوار؟
في المقابل يتسائل الدكتور هانس يورغ شميد، مدير المركز السويسري للإسلام والمجتمع في جامعة فريبورغ "هل يخدم الاستفزاز إلى أقصى حد الحوار بين الثقافات". وفقًا لشميد، هناك عوامل كثيرة مرتبطة بالنقاش الحالي: الهيمنة الأوروبية، الإسلاموفوبيا، وتاريخ حقبة ما بعد الاستعمار. وهذا يخلق شعوراً مؤلماً لدى المسلمين والمسلمات.
ويشير شميد أيضًا إلى أن الموضوع ليس إسلاميًا بحتًا. "لدى الكاثوليك المحافظين للغاية رغبة في وضع قيود على حرية التعبير لعدم جرح المشاعر الدينية". لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن تقييد حرية التعبير لن تعود بالنفع على أي شخص: "حقوق الإنسان مثل الحق في حرية التعبير تحمي الأفراد ، ولكن ليس الأديان والأيديولوجيات التي يتعين عليها أيضًا تحمل النقد الجدلي". وبالنسبة لشميد، فإن الله أكبر من الرسوم الكاريكاتورية والنقد، حيث أنه "من المنظور اللاهوتي، فإن الله أعظم من أي جدل".
"الصراع ليس مع الإسلام، بل مع الإسلاموية"
فرنسا هي أكبر بلد في أوروبا من حيث عدد المهاجرين والمهاجرات. لكن السؤال حول دور الدين في المجتمع والبحث عن معادلة ناجحة للتعايش بين الثقافات مطروح في العديد من البلدان الأوروبية وبشكل متزايد.
من هذا المنطلق ترى إلهام مانع، أستاذة العلوم السياسية بجامعة زيورخ أن الجدل الدائر لا يتعلق بالصراع بين المسلمين والغرب، بل بمحاربة الإسلاموية، وتقول: "يجب أن نكون يداً واحدة مسلمون وغير مسلمين ضد الإسلاموية".
وتشير إلهام إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقد الإسلاموية وليس الدين الإسلامي. لكن بعض الأطراف سعت إلى تحريف خطابه وتصوير ماكرون على أنه عدو للإسلام، واعتبرت أن "ردود فعل هذه الجهات تظهر أن هناك بالفعل مشكلة".
وتطالب مانع باتخاذ إجراءات حاسمة تستهدف تفكيك الهياكل الإسلاموية في المجتمعات الأوروبية، وتقول: "أدرك ماكرون أن الدولة نأت بنفسها كثيرا، فخلفت فراغاً ملأته الحركات الإسلاموية. يتعين علينا رعاية شبابنا لحمايتهم من التطرف".
المصدر : سويس انفو

البيان الختامي للقمة العربية ببغداد يدعو لعملية سياسية شاملة في سوريا

الشرع: الأبواب مفتوحة للمستثمرين.. وسوريا لن تكون ساحة لصراع النفوذ

مصدر اسرائيلي: محادثات بين مسؤولين سوريين واسرائيليين في أذربيجان

وكالة: سوريا تخطط لطباعة اوراق نقدية جديدة في الامارت والمانيا

ترامب: نفكر بتخفيف العقوبات عن سوريا بشكل جدي

الخارجية السورية ترحب بتصريحات ترامب بشأن امكانية تخفيف العقوبات على سوريا

"نفعل الشيئ نفسه"... الكرملين يعلق على لقاء الشرع وترامب في السعودية

وزير الطاقة: الكهرباء ستتحسن لتصل 15 ساعة يومياَ عند توفر الغاز والفيول

الاتحاد الاوروبي يقترح تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا
