وجهة نظر مع نضال معلوف

تهديد مبطن من مخلوف للاسد.. هل بدأ النظام القديم بالتفكك!؟

03.05.2020 | 17:02

تسجيل اخر ظهر يوم السبت لرامي مخلوف يبين ان مشكلة جدية وجذرية يواجهها النظام الحاكم في سوريا، فهي المرة الاولى التي يصل فيها الخلاف بين عائلتي الاسد ومخلوف الى ما وصل اليه اليوم ويتم تداول هذه الخلافات علانية من خلال الاعلام..

واقول انها مشكلة النظام لانه كما نوهت في مقال سابق، بان رامي مخلوف وآل مخلوف عموما جزء اساسي من النظام السوري منذ ثمانينات القرن الماضي هو ليس كباقي العائلات المعروفة التي ارتبطت مع النظام بمصالح او كانت ادوات لجمع الثروة له..

اي استبدال لهذه العائلة وظهور مكون جديد ليلعب دور ممول "الدولة الموازية" التي تتحكم في سوريا بكل شيء هو تغيير في بنية النظام ولا احد يضمن ان يتم هذا التغيير بدون ان يمر النظام في مرحلة التفكك..

سواء اخذنا هذا الموضوع بمفهوم ايجابي، بمعنى ان هناك انتقال للادارة المالية لـ "الدولة الموازية" واموالها، لتصبح ملكا للدولة السورية وبالتالي تقوية الدولة الرسمية وهذا يعني انتهاء حكم النظام بكل تأكيد..

او انتقال الادارة المالية لـ "الدولة الموازية" الى عائلة اخرى او "تشكيل ما جديد" (قد يدخل فيه اطراف خارجية) وهذا يعني ايضا تغير في موازين القوى في سوريا، ويجب هنا ان نتعرف على هذا الطرف طائفته قربه من الاسد.. الخ

في كلا الحالتين.. يبدو ان عصر آل مخلوف انتهى..

بالنسبة لي استبعد تماما الفرضيات التي تقول ان ما يجري عمليات تبييض وجه ان كان للاسد او لرامي مخلوف..

الامور في بلدنا لا تكون بهذا الشكل هذا هدر للهيبة التي هي اساس السلطة في سوريا، ظهور رامي مخلوف بشكل المستجدي المترجي الضعيف هو اضعاف للنظام بحد ذاته، اظهار قوة الدولة الرسمية السورية هو بطبيعة الحال اضعاف للنظام (في دولة مثل سوريا)..

ومرة اخرى اعتقد بان هذا القرار ليس قرار الرئيس بشار الاسد.. هناك طرف ثالث (اكبر منه) يفرض واقعا جديد يقضي بالتضحية برامي مخلوف شرطا للابقاء على دور للنظام القديم وربما ابقاء الرأس بحد ذاته في مرحلة انتقالية قادمة..

قد لا ينتهي رامي مخلوف او عائلته اليوم ولكن ما نشهده هو بداية فصل النهاية بالنسبة لهذه العائلة وبالنسبة للنظام بالشكل الذي عرفناه طوال 40 عاما الماضية..

وما يجب ان نتطلع اليه اليوم هو التعرف على شكل النظام الجديد الذي سيتشكل في سوريا بعد ان شارف عصر الحلف القديم  (مخلوف الاسد).. على الانتهاء..

وبالنسبة لمصطلح "الدولة الموازية" الذي استخدمته اعلاه، يجب ان اوضح بعض الامور للذين لا يعرفون تماما كيف تدار الامور في سوريا..

في بلد مثل سوريا (وهو امر ليس خاص بنا كان موجود في العراق، ليبيا واليوم في مصر وفي كثير من اشباه الدول..) هناك الدولة الرسمية من جهة ويوجد نظام حاكم من جهة اخرى، متى تم ذكر هذان المصطلحان فهذا يعني ان هناك دولة (واجهة) رسمية تأخذ دورا اداريا تنفيذيا..

وايضا نظام يشكل "دولة موازية" لها مؤسساتها وبنيتها (غير الرسمية وغير الشرعية) هي من يقرر ما يترك للدولة الرسمية من صلاحيات واموال وسلطة.. ويكون هدفها (الدولة الموازية) تقوية النظام الحاكم وابقاء الثروة والسلطة بيده مهما كلف الامر..

هذه الدولة الموازية هي التي ترسم خارطة توزيع السلطة بكل انواعها، فيكون من وظائفها كسب الولاءات وتشكيل المليشيات وتمويل الاعمال غير الشرعية الاقتصادية منها والسياسية والعسكرية..

وربما تتخذ (الدولة الموازية) قرارا باجبار الدولة الرسمية على القيام باعمال الارتزاق لطرف ثالث.. خارج الحدود وكانها ذراع لدولة احتلال..

ومرورا بكل شيء فهي تقرر من يبرز في الادب والصحافة والفنون والادارة والسياسة وطبعا في قطاع الاعمال.. وغيره.. اي انسان صاحب سلطة او ثروة يجب ان يكون مرهون كليا للنظام، ويتم اخضاعه من خلال احد الاذرع.. ويمول كل هذه الاذرع قلب النظام وهو الادارة المالية.. المال هو ما يهم هنا..

فالادارة المالية هي التي تدفع لشركات الانتاج لانتاج المسلسلات وتدفع للصحافة لتشكيل الرأي العام وتدفع للامن والمليشيات لضرب المعارضين واسكاتهم، وخلال الازمة الاخيرة في سوريا اخذت الادارة المالية للدولة الموازية دور تمويل العمليات العسكرية حتى التي تقوم بها اطراف خارجية مثل روسيا وايران..

الان الادارة المالية هذه التي تمول معظم نشاطات الدولة الموازية كانت في يد آل مخلوف، بداية بالأب محمد مخلوف (خال بشار الاسد) ومن ثم ابناءه وبشكل خاص رامي مخلوف..

وهنا لان هذه الادارة ليست مؤسسة رسمية خاضعة لمبدأ الكفاءة فان من هو على رأسها يجب ان يكون مرتبطا عضويا برأس النظام ودرجت العادة ان يكون احد اقاربه (نموذج صدام حسين، القذافي، زين العابدين.. الخ) لان ارتباطه يجب ان يكون وجوديا بمعنى اما ان يكون في هذا الموقع او لا يكون.. لا يوجد خيار اخر لمن يشغل هذا الموقع الا ان يكون فيه او ان ينتهي..

والاسد ومخلوف يعلمون تماما بان هذا الخلاف الذي نراه اليوم هو نهاية للتحالف بمعنى نهاية للدولة الموازية التي عرفناها طوال ال 40 عاما الماضية باتجاه تشكيل جديد..

وما يصل الينا الحقيقة هو مشهد صغير من صراع شرس كبير لا نراى تفاصيله يحاول كل طرف فيه ان يحافظ على وجوده  ليكون ضمن تشكيلة المرحلة القادمة..

نضال معلوف
https://www.facebook.com/nedal.malouf

 


TAG: