المثليون في سوريا، بين رفض المجتمع أو القتل!

إعدام داعش للمتهمين "باللواط"

07.05.2016 | 11:30

ما أكثر من هربوا من الخدمة العسكرية في سوريا، في السنوات الأخيرة بسبب عدم رغبتهم بالتورط في إطلاق النار على أهلهم وأبناء شعبهم المنتفضين ضد نظام الحكم، وبعض هؤلاء التحقوا بالمجموعات العسكرية المعارضة، غير أن ذلك ليس ما دفع غيث للهرب من الالتحاق بالجيش إلى تركيا، بل كان خوفه من التعرض للاغتصاب مثلما حدث مع أحد أصدقائه.

فقد كان صديقه مثليا، وعندما افتضح أمره بين زملائه في الجيش انهالوا عليه بالضرب وامتهنوا كرامته الإنسانية وقام بعضهم باغتصابه جنسيا، إمعانا في إذلاله ومعاقبته على ميوله الشاذة كما يعتقدون ويعتقد غالبية السوريين وفقا للموروث الديني والثقافي والاجتماعي الذي يعتبر المثليين مجرمين يستحقون العقاب.

أما غيث الذي لا يرغب بإخفاء ميوله المشابهة لصديقه فقد سارع بالفرار بعدما ضربه أخوه الأكبر وهدده بتسليمه للجيش إذا لم يتوقف عن ممارسة نشاطه المثلي ويقول غيث "لم أستطع تقبل أن أسلوب حياتي عبارة عن جريمة أستحق الموت من أجلها فقررت الرحيل”.

 غير أن حكاية الشاب السوري ابن السبعة وعشرين عاما لم تنته بوصوله إلى تركيا، فقد أصبح في مأمن من وصول الباحثين عن الفارين من التجنيد الإجباري، ولكنه ليس آمنا ممن هم أشد قسوة منهم، حيث وصلته تهديدات متكررة عبر الهاتف من مجهولين يقولون إنهم يتبعون لما يعرف بتنظيمات داعش حيث أنه بنظرهم يستحق الموت بقذفه من مكان مرتفع.

 ويقول غيث بينما يتكئ على كرسيّ جلدي كبير وسط صالون بيته الجديد في إحدى المدن التركية القريبة من الحدود مع سوريا التي لجأ إليها مئات الآلاف من السوريين بسبب الأوضاع التي تسود بلادهم “ لم أجد بداً من البحث عن بلد جديد لأهاجر إليه، لأفعل فيه ما يناسبني دون خوف، ولذلك تقدمت بطلب للجوء إلى الولايات المتحدة وأنا بانتظار الموافقة على ذلك الطلب”.

ومع أن سوريا ليست بدعا من الدول  في نظرتها للمثليين بل هي مثل معظم الدول العربية وكثير من دول العالم التي لازالت لا تعترف بالمثلية ولا تعطي حقوقاً للمثليين، وتضع قوانينا لمعاقبتهم، ومع أن سوريا ربما تكون أكثر تحرراً من غيرها في هذا المجال حيث أن عقوبة المثلي حسب قانون العقوبات السوري لعام 1949 هي الحبس حتى ثلاث سنوات بينما العقوبة في دولة مثل السعودية تصل للإعدام، غير أن بعض مناطق سوريا وخصوصا تلك التي سيطر عليها ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تعتبر من أخطر المناطق على المثليين.

وبحسب جسيكا شتيرن مديرة اللجنة الدولية لحقوق المثليين والمثليات جنسيا التي تحدثت لأعضاء مجلس الأمن في جلسة مغلقة أواخر العام الماضي فإن تنظيم الدولة تبنى إعدام ما لا يقل عن 30 شخصا بتهمة "اللواط" 

بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان في يوليو الماضي أن داعش رمى رجلين من أعلى مبنى في مدينة تدمر الأثرية السورية بتهمة أنهما مثليان، قبل أن يعمد جمع من الناس إلى رجمهما بالحجارة.
وإذا كان ملايين السوريين قد غادروا بسبب الحرب فإن المثليين منهم يجدون أن بقاءهم فيها في الظروف الراهنة تعد نوعا من الانتحار ولذا سارع كثيرون منهم إلى رمى نفسه في البحر حالماً بفرصة جديدة بمجتمع أوروبا الذي يحتضن ميوله ويتقبلها ليستأنف حياته كمايريدها من جديد، بينما اختار البعض الآخر سلوك طريق أكثر أماناً من رحلة الهجرة في قوارب الموت.

أما غيثٌ ومثله العديد من أصدقائه المثليين والمثليات في تركيا الذين تقدموا بطلبات لجوء إنسانية للولايات المتحدة الأميركية عن طريق اللجنة الدولية للمثليين والمثليات فإنهم يعدون الأيام والساعات بانتظار انهاء إجراءاتهم وتمكينهم من الفرار من كابوس تهديد داعش والنصرة.
ويعود غيث لاسناد ظهره إلى الكرسي الكبير وبعض الارتياح بادٍ على وجهه ويقول “قابلني اليوم المحامي الأميركي الذي سيمثلني أمام الأمم المتحدة عندما تعرض قضيتي، وأخذ مني كل المعلومات المطلوبة، وأنا الآن بانتظار أن تعرض قضيتي وقد حثني المحامي على التفاؤل ولو استغرق ذلك بعض الوقت لكثرة من تقدموا بطلبات قبلي”.

دانيا كلوسر



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved