طفلة في براثن الذئاب في حلب

صورة تعبيرية

28.04.2016 | 14:56

لا يعرف سامر ما الذي دفعه للاهتمام بهذه القصة إلى هذا الحد، فلا طبيعة العمل الذي يقوم به يتعلق بهذا النوع من المصائب ولا تربطه بالضحية وعائلتها صلة قرابة تدفعه لمجاملتها وبذل كل هذا الجهد لمساعدتها.

ويؤكد سامر ابن الثلاثين ربيعاً والذي ينشط في إغاثة المحتاجين في مدينة حلب، في ظل أوضاع الحرب، إنه وجد نفسه مضطراً للتحرك لجمع التبرعات لصالح الطفلة التي وقعت فريسة سهلة بيد عدد من عديمي الإنسانية فاقتحموا عالمها الصغير ودمروا طفولتها وتركوها تواجه الموت على قارعة الطريق.

وفي أروقة ذلك المشفى البارد في حلب الذي تفوح رائحة الأدوية من جنباته، كانت هالة ابنة الخمسة أعوام تتمدد على سرير العلاج شاحبة الوجه منكسرة تتابع والدتها بنظراتها المذعورة، بحثاً عن ملجئها الآمن، بينما اقتربت والدتها وأمسكت بيدها في محاولة منها لتهدئتها بدفء الأم، وحنانها المعهود، لكنه حنان يمتزج بحزن شديد على زهرتها الصغيرة، أما والدها المحطم الذي روى ما حدث فجلس خارج الغرفة في استراحة الزوار ساهما باحثا عن فكرة تمكنه من مغادرة حالة العجز وتعينه على الانتقام "ذهبت و زوجتي وطفلتي إلى صالة أعراس لحضور حفل زفاف أحد الأقارب، وجلست  في صالة الرجال بينما توجهت زوجتي إلى صالة النساء وبقيت هالة تلعب وبقية الأطفال أمام الصالة التي تقع في منطقة نائية عن الأبنية السكنية”.

ويضيف الأب “بعد نحو ساعتين أرسلت زوجتي تسألني عن هالة حين لم تجدها بين الأطفال خارجاً، فخرجت للبحث عنها ولكن دون جدوى حينها توقف الحفل وبدأ الجميع بالبحث عنها، وبعد بحث طويل وجدت إحدى قريباتي الطفلة، وكانت بحالة سيئة، تنزف الدماء والدموع وملابسها ممزقة، فسارعنا لإسعافها إلى العديد من المشافي لكنها لم تقبل استلامها إلى أن وصلنا إلى هذا المشفى، حيث قاموا بإجراء عمل جراحي لا أعرف اسمه فور وصولنا وقاموا بعملية جراحية أخرى في اليوم التالي”. 

ويؤكد الأب أن الشرطة ألقت القبض على المجرمين الذين قاموا باغتصاب الصغيرة وأنه بعد التعرف عليهما تذكر الوالد أنه كان قد رآهما في يوم الفرح يجلسان قرب الصالة، ويضيف” ما أتمناه هو أن يعدم المجرمان على الملأ ليكونوا عبرة لغيرهم “.

 ولا يخفي سامر أن معرفته بقصة هالة وحالة أسرتها قد تركت أثرت بالغا في نفسه مما دفعه للبحث عن أية طريقة لمساعدتهم في علاجها علها تعود لمواصلة حياتها الطبيعية، حيث أن تكاليف العلاج ليست سهلة وغير متوفرة في حلب، مما اقتضى نقلها إلى دمشق فيما تمكن هو من جمع مال ليس كثيرا لمساعدة أهلها. 
ويضيف بتأثر بالغ ”غادرت المشفى وصورة هالة وبراءة الأطفال المسلوبة منها تلاحقني وتطالبني بأن أبذل ما بوسعي لمساعدتها”.

غير أن ما تحتاجه هالة ليس علاجها الجسدي فقط فما تعرضت له ليس حدثا عابرا يمكن أن تشفى منه وتنتهي الحكاية، كما تقول الدكتورة الأخصائية بأمراض النساء وفاء سليم "لا يوجد تعذيب جسدي بدون تعذيب نفسي، حيث أن التعذيب يستهدف في الأساس النفس والكرامة وكل حالات الاغتصاب شديدة القسوة، تؤدي إلى ضرر نفسي على المدى الطويل والقصير مما يتسبب باضطراب نفسي في وقت لاحق من حياة الطفل بالإضافة إلى اتجاه نحو العزلة التامة وابتعاد عن الناس”.

وربما تتمكن هالة على نسيان ما ألم بها بعد فترة من العلاج وربما ينجح الأهل في معالجة حالتها النفسية، ومساعدتها على نسيان ما حدث، لكن الحقيقة التي لن يستطيع أحد تجاهلها أنها لن تكون أما طبيعية في يوم من الأيام، لقد فقدت قدرتها على الإنجاب! لن تهب الحياة لطفل جديد.

سارة يعقوب



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved