هناك في تلك الدولة الأوربية يوجد وزير بائس. يذهب إلى عمله يومياً. لا يتأخر أبداً عن عن موعد بدء الدوام. ولا يغادر مكتبه أبداً قبل أن ينتهي الدوام. فهو يعمل بجد و نشاط و اجتهاد دون كلل أو ملل ، و يقوم بإنجاز خدمات مواطنيه على أكمل وجه. لا يقبل الهدايا ، ولايسمح بالزيارات الشخصية في مكتبه.
المسكين يذهب إلى عمله بدراجته الهوائية ( البسكليت).
يدعي هذا الوزير البائس أن الدراجة الهوائية مفيدة للصحة ، فتغنيه عن درس الرياضة، كما يدعي أنها أسرع من السيارة ، لأنها تسير على الطريق المخصص لها ولا تدخله في متاهات الازدحام ، والوقوف على الإشارات المرورية ، وتغنيه عن شد الأعصاب والتوتر والشتائم التي قد يتعرض لها من قبل أحد السائقين الطائشين المتهورين. ويحاول أن يقنعنا هذا الوزير بأن الدراجة صديقة للبيئة ، فلا احتراق للوقود ولا دخان سام ، ولا من يحزنون. ويدعي أنه يوفر على الدولة قيمة الوقود ؛ فلا داعي للإسراف طالما يوجد بديل أفضل بكثير من استهلاك الوقود.
مسكين هذا الوزير. لقد حرم نفسه من متعة ركوب سيارة فارهة بسائق خاص يعطيه الأوامر كيف يشاء.
لقد فقد لذة الجلوس في الكرسي الخلفي و النظر إلى الناس بنظارة سوداء ، من نافذة سيارة مظللة مطلية بلون داكن.
حرم نفسه من البهجة التي يمنحع إياها عناصر المرافقة الذين يفتحون له باب السيارة ، وكل الأبواب ، ويسيرون أمامه وخلفه ، فيضيفون لشخصه الكريم الهيبة والوقار والغموض والسيادة.
مسكين لم يعرف كيف يظهر لمن حوله بأنه مميز ولهذا تم اختياره في هذا المنصب.
المسكين لم يعرف كيف تتضخم (الأنا ) لديه ، فهو كسائر البشر الذين يشاركونه الطريق، لا يختلف عنهم بشيء.
بائس و مسكين جداً هذا الوزير فهو لم يسمع المطربة أحلام وهي تغني: (اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول).
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts