كانت قد مرت أكثر من أربعة أشهر، لم أسمع عنها خبراً، كانت مشاعري مضطربة من ناحيتها في الفترة الأخيرة، ربما كنت قد بدأت أحبها رغم أنني لم أؤمن يوماً بالحب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تلك الفتاة غيرت في نفسي أشياء كثيرة، كنت أشعر عندما أحدثها بأنني أحدث شخص أعرفه منذ سنوات بعيدة، أعرف كل التفاصيل عنه وهو يبادلني ذات الشيء، يشعر بي عن طريق كتاباتي، يشعر بحزني وسعادتي كما لو أنه يعيش معي تحت سقف واحد.
شيء ما تبدل فيها منذ تلك المكالمة التي قالت بأنها لم تكن في وقتها، قالت بأن عليها أن تعيد ترتيب أوراقها ومن ثم ستعاود هي الاتصال لكنها لم تفعل. كنت في كل يوم أجلس قبالة الشاشة منتظراً اسمها أن يظهر، منتظراً منها أي إجابة، لكن رسائلي التي كانت تقرأ لم يكن لها أي رد.
حاولت الاتصال بها مرتين، كان رفضها للتحدث رادعاً لي عن المحاولة من جديد، لقد كنت إنساناً مضللاً قبلها، لكني تغيرت حقاً في وجودها، شعرت بأنني وجدت شيئاً كنت ابحث عنه منذ زمن، لقد أخلصت جداً لتلك العلاقة المهمشة، أخلصت ربما لوهم لم يكن له من الأساس أي وجود.
ذات يوم وبينما أنا جالس كما عادتي أدخن أمام شاشتي وأحتسي القهوة، وصلتني رسالة من رقم مجهول تقول:" قابلني غداً في الشارع الثامن عند الإشارة في تمام الساعة الخامسة."، حاولت الاتصال مراراً بالرقم لكن لم يكن أحد يجيب. كنت أعلم أنها المرسلة، لكن لماذا الشارع الثامن، ولماذا هذه اللهجة القاسية بعد كل ذلك الوقت، ذلك ما كنت أنتظر إجابته في اليوم التالي، وكان واضحاً جداً منذ اللحظة التي التقينا فيها وراحت تتلفت حولها كما لو أنها تقوم بارتكاب جريمة..
- كان عليك أن تخبريني منذ البداية، سنة ونصف .. سنة ونصف وأنا أعيش في وهم، لماذا الآن؟ .. أعتقد بأنني كنت قد بدأت في حبك، لا بل في الحقيقة أنا فعلت، إذا كان هذا حقاً ما كنت تعمدين إلى فعله .. فأحسنت صنعاً..
- أرجوك دعني أكمل لك وعندها يمكنك أن تقول ما تريد .. أنا مدينة لك بألف اعتذار واعتذار، لكن خرج الأمر فجأة عن سيطرتي، أنا امرأة متزوجة، ولا يجوز للمرأة المتزوجة أن تقع في حب رجل آخر.. إنه يخونني أعرف ذلك، واعتقدت بأنني إن أعدت له نفس الطعنة فسأرتاح .. لكن ضميري لم يغفو يوماً ..
- كان عليك أن تدركي ذلك قبل سنة ونصف .. كان عليك أن .. انسي يا هذه .. وجودنا في هذه اللحظة خطيئة بحق الحب وبحق العلاقة المقدسة التي ترتبطين بها..
راحت الدموع تجري من مقلتيها وكأنها زيت يسقط على النار التي اشتعلت في قلبي فيزيدها لهيباً، أطلب المزيد من القهوة، أدخن المزيد من السجائر، أنهار داخلياً دون أن أنطق بكلمة، تغادر بعد مدة، نتودع للمرة الأولى والأخيرة. تودعني في اللقاء الذي لطالما حلمت به، لقد كانت تشبه آمالي بكل شيء، بحديثها بطريقة ارتدائها لملابسها، برائحة عطرها، شعرت للحظات بأن يدي ستخرج عن إرادتي وستمسك بيدها، كنت ألمح في عينيها ألف سبب لتكون معي، ألف سبب لتضعف أمامي، لكنني ببساطة لم أستطع أن أستغل الحب ذلك الشعور السامي في شيء كهذا
كانت كلمات والدتي لا تفارق أفكاري:" صلي دوماً لأجل أن نلتقي ولسوف نفعل يوماً ما.". أمي امرأة صالحة وسأصلي دوماً لألتقيها في الجنة، الجنة التي كان يفصلني عنها الكثير، وكان حبي ربما سيفصلني عنها حتى الأزل.
تلك المرأة التي تعلقت بها، اعتقدت بأنها تشبه أمي، لكن أمي ما كان لها أن تفعل ذلك، ما كان لها أن تختبر قوتها بمثل هذا المجلس، ما كانت لتكذب علي .. ما كانت لتحطم قلب أحدهم، ما كانت لتجرح روحي..
صلي لأجل أن نلتقي.. كانت تلك العبارة تتكرر في عقلي في الدقيقة آلاف المرات، خرجت من المقهى وتكاد النار تخرج من رأسي، كان الدم يتدفق ثائراً في عروقي، لمحة ضوءً قوياً يجري مسرعاً إلي من بعيد ..
- أمي؟!
- أجل يا عزيزي ..
- هل أنا ؟
- لا .. أنت لم تمت بعد، لكني اشتقت إليك كثيراً وكنت بحاجتي كثيراً ربما استجاب الرب لصلواتك ..
- لكن ..
- ستبقى هنا حتى تنساها، حتى تخرج تماماً من قلبك وعقلك، إنها ليست لك وأنت لست لها، لو عدت الآن لضعفت لكني صليت بألا تفعل..
- إنها تتصل ..
- لكنك لا تستطيع الإجابة ..
- أجل ..
- صلي دوماً لأجل أن نلتقي ..
- ولابد وأننا سنفعل يوماً ما !
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts