التّاريخ هو أفضل أساتذة الوجود المادي ..فليعد إليه المرء بين الفينة والفينة ...
عندما تسلّم علي بن اي طالب أمارة المؤمنين قال 'جئتُ أليكم بثوبي وجلبابي هذا وإن خرجت بغيرهم فأنا كاذب '
على قياس ما سبق من قول بما لحق مما شهدناه لعمري ما تولى أمرنا بعده غير كاذب ..
القراءة السياسية لما حدث في سوريا خلال العشرين يوم السابقة بسيطة جداً “أتفاقٌ بين عدة دول فاعلة في الأرض على الحالة التي نشهدها “
وإن كل من يسعى لفهم ما حدث بالتفاصيل أحمق ولكن يمكن تفنيد ما حدث في آخر 5 أعوام التي سبقت هذه العشرين يوم ..أي علينا فهم لماذا نحن هنا ؟؟وليس كيف أصبحنا هنا ..؟؟
بشار الأسد شخصية أختلف فيها المجتمع السوري دائما بعضهم يحبه كان وبعضهم يكرهه والآخرون يقدسونه وومنهم يكفّرونه وهذه كلها لا تفيد وليست مطلوبة في حالة موظف دولة
العنصر المفقود في الناس هي حالة التقييم للأداء الوظيفي لهذا الرّجل ..
من جهتي ومن غير تكلف الأقوال كنت من المؤيدين له حتى عام ٢٠١٥ اي عند أنتهاء دوران الآلة العسكرية في سوريا وتأييدي له ليس نابعاً من حب لشخصه مباشرة بل لحبي لأبناء قريتي ومدينتي ومحافظتي اللذين أُستشهدوا وكلهم أيمان بأنهم على عقيدة الوطن متمثلة بالشخص المذكور وأقسم أنهم كانوا لصادقين بعقيدتهم
ولذلك أقول جملة توصف حالة شعبنا في الساحل “نحن كنّا ومازلنا مقيدين بين قداسة الجندي ..ونفاق القائد “
أما الرأي فيه فهو بسيط جداً “شخصية غير مؤهلة لقيادة حارة جعلته التراكمات التاريخية قائداً لدولة “ وهذا الرأي نابعٌ من أسباب كثيرة لعلنا نذكر منها القليل بصيغة الأستفهام الأستنكاري..
الجانب العسكري ؛
هل رأيت أو سمعت أن شخصاً تقول جميع مؤسساته الأعلامية والحزبية والسياسية بأنهم يحاربون الكون وهناك مؤامرة كونية ضدهم والسد المنيع بوجه هذا كله هو الجيش وفي الوقت ذاته تلقى العساكر على الطرقات لساعات لا تستطيع تأمين أجرة المواصلات ..وآخرون في أماكن عملهم لايام دون أدنى مقومات العيش ..يضطر أحدهم العودة بعد أشهر في خدمته لمدة ١٠ ايام لمنزله وإن لم يعمل في هذه الايام العشر يموت جوعاً هو وعائلته ..؟؟
هل سمعت بقائد يصف جيشه بالعقائدي ورتبة العميد فيه ثمنها موضوع في لائحة الأسعار السرية ..؟؟
الجانب الأجتماعي :
هل قرأت يوما عن الغباء وقصصه إن لم تقرأ ففي هذا كفاية .
تصور يا رعاك الله كانت الناس في سوريا قاطبة بين حالات محدودة بين الفقر والجوع وقلة ذات اليد والعوز والموت ..بعضهم لا يجدُ ماء وآخر دواء ..والكثير من الشباب أما يائسٌ او مهاجر وعائلات الشهداء إن لم تكن كلها فأغلبها تعيش على معونات الذل المرسلة مع كلاب السلطة ..
أمهات فقدوا فلذات أكبادهم ..وآباء دفنوا الأبناء ..وزوجات ترملت وأخوة فقدوا
ثم ماذا ؟؟
تخرج عليك السيدة الأولى لتشرح لهؤلاء كيفية التغلب على سرطان الثدي في مقابلة فيها من الأزياء والديكور والمجوهرات والأخراج السينمائي تكاد تشعر أنها بُثت من فيينا وأنت تشاهدها من شمال السودان ../لعله المظفر النواب كان صادقا عندما قال” أولاد القحبة “
خطاب الناس والتكلم معهم كان كارثة لا يحلها أحد وأجزم أنه لو أعاد مشاهدتها بنفسه لما فهم منها غير السلام ..
أحاديث مشتته ..فلسفة وعناد ..ضياع وعدم قدرة على إنهاء جملة "أقول هذا وأعلم جيدا أنني شاهدت الخطابات جميعا "
يخاطب الناس بلغة المحاضر لهم وهو أقلهم ..والقيّم على رقابهم وهو أضعغهم نظرا وأوهنهم فكراً ..
الجانب الأقتصادي :
لعمري أن هذا ما يضحكني على مدار اليوم الخطاب الأقتصادي كان عبارة عن التركيز على شيء واحد منذ عام ٢٠١٥ حتى قبل شهرين من الآن وهو “المشاريع الصغيرة “ عندما تسمعه تكاد تموت قهرا أو ضحكا ..
مشاريع صغيرة ..!! أي مشاريع هذه التي تريدونها وأنتم ترسلون كلابكم لتجميع الآتاوات من الناس ..من الذين لديهم محل لبيع الفروج حتى تجار الصاغة ..
تصور أن تتحول الدولة إلى “شلة بلطجية “ لكل تاجر رقم يجب أن يدفعه وألا “أعتقد أن الجميع كان يسمع ماذا يأتي بعد ألا والآن يشاهده ”
كل ماسبق عليه من شهود العيان الالاف والملايين ..والأسباب الآخرى غير قابلة للعد ..
تمكين نكرات المجتمع من قيادة المجتمع ..
رجال دين سياسيون منافقون ..
مافيات الترهيب ..
الأنفصال عن الواقع ..السلطة في وادي والشعب في وادي آخر وبينهم جبلٌ من العجز ..
التعامل مع السياسة وكأنك تتعامل مع أولاد خالتك..
تغييب القواعد..تنصيب الشواذ ..
كلها تؤدي إلى شيء بديهي وهو “الفشل لا غيره “ وأقسم أنني كنت ممن توقعه ولكن ليس بالطريقة التي حدثت ولكن الله كتب أمراً ..
هذه أسباب السقوط الواجب شرحها ..والأستفادة منها ..
أما ما حدث بعده فليس غير ورقة وقّعت في ممرات الغرف الغربية والأطراف الموقعة لكلِ منها قطعة حلوى في إنتهاء الحفلة التنكرية القذرة ..
النصر لمن يعتبره تحقق بمعايير النصر المعروف ما هو ألا كذبة كبيرة ..والهزيمة التي يشعر بها البعض ماهي إلا وهمٌ متعلق بتاريخ أقنعت نفسك به
عن النتيجة التي حصلت بعد السقوط ومازالت تحصل الآن كلمتين لطالما سمعتهم واليوم أشاهدهم “أكل هوى “
الحل الوحيد لا أعرفه ولكنه غير الذي يحدث الآن
الامنيات : الله يهدي البال ويشمل هذا البلد وأناسه بلطفه الخفي ولعله الشيء الحقيقي الوحيد بين زحمة المصطلحات
حسن إسماعيل – مساهمات القراء
*الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة على سياسة الموقع
*ارسل مساهمتك على الايميل [email protected]