مازن سجين سابق يكافح من أجل حقوق النساء السوريات المعنفات جنسياً

صورة تعبيرية

22.03.2016 | 12:59

"كيف يمكن أن أنسى آلاف النساء والأطفال والشباب والشيوخ، وهم يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والذل والقهر، على أيدي جلادين لهم شكل البشر لكنهم أحط من الذئاب والضباع. كيف أبداً كلامي وصوت حفلات التعذيب في أذني ورائحة شواء اللحم البشري لا تغيب من ذاكرتي، هل أحدثك عن صوت الأضلع وهي تتكسر أم العيون التي تتقلع". يقول مازن الحمادي عندما سألناه: "ما الذي يدفعك لأن تكرس حياتك دفاعاً عن المعتقلات والمعتقلين في سورية؟

مازن هو واحد من بين آلاف المعتقلين في سجون الحكومة السورية، اعتقل من قبل فرع "المخابرات الجوية" مدة عام و7 أشهر و15 يوماً، حسبما يقول، وهو أحد الناجين من العنف الجنسي إذ حاول الجلادون الذين عذبوه أن يقطعوا عضوه الذكري باستخدام أدوات حادة، كما عذبوه باستخدام ما يعرف بـ"الخازوق" وهي طريقة للتعذيب تقوم على وضع "سيخ حديدي" حاد الرأس في مؤخر المعتقل لانتزاع الاعترافات منه، وهو ما كان سبباً في تدهور حالته الصحية واضطرار السجانين إلى نقله لمشفى تشرين العسكري في دمشق. وفقاً لما أخبرنا به.

وتقول الحكومة السورية إن "جميع الاتهامات التي توجه لها حول الانتهاكات في سجونها غير صحيحة".

يكرس مازن حياته الآن في هولندا (البلد الذي لجأ إليه) للحديث عما يتعرض له المعتقلون السوريون في سجون النظام، خصوصاً النساء منهم، ويقول خلال اتصال فيديو أجريناه معه عبر "سكايب" إن "ما يدفعني للدفاع عن المعتقلات السوريات هو هول ما يتعرضن له في السجون من شتى أنواع التعذيب بدءاً من الضرب مروراً بالاغتصاب".

يأخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث عن أصوات النساء في الليل وهن يصرخن في الزنزانة القريبة منه جراء التعذيب. ويقول إن من بين أصعب ما تعرضت له النساء المعتقلات في المعتقل، "كان تهديدهن من قبل السجانين بالاعتداء الجنسي عليهن". وتمكن بسبب تشغيله في "السخرة" الدورية من مشاهدة آخرين غيره يتعرضون للتعذيب خارج زنزانته. ويعود بذاكرته ليتحدث عن فتاة تعرضت للضرب المبرح أمامه عندما كان أحد السجانين ينقله إلى مكاتب الضباط لتنظيفها.

ويضيف مازن أن الاعتداء الجنسي كان يطال بعض الفتيات بمجرد أن تطأ أقدامهن أرض المعتقل، ويشرح بصوت منفعل أن "السجانين كانوا يتعرضون مباشرة للفتاة بوضع أيديهم على صدرها، ووضع أصابعهم في مؤخرتها، كما أنهم يتحسسون بأيديهم على جسدها". ويؤكد أن ذلك يحصل دون حول ولا قوة للمعتقلة.

في إحدى المقابلات التلفزيونية مع قناة "EAN" الهولندية عرضت في الـ22 من الشهر الماضي، يسند مازن ظهره على أريكة، يبكي وهو يقول: "قتلونا. قتلوا أولاد أخوتنا، من أجل ماذا؟". ويظهر وهو يقدم حركات تمثيلية لبعض أنواع التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون. وقال بعدما طلب أن يرينا هذا اللقاء: "يجب ألا يتكرر ما حصل معنا نحن الرجال للنساء المعتقلات في سجون النظام، لأنهن لو تعرضن لنفس أساليب التعذيب لتوفين".

يعبّر عن حزنه على الكثير من النساء تعرضن للعنف الجنسي في المعتقلات واضطررن لدفن معاناتهن خوفاً من المجتمع الذي يعيشن به، حسبما قال لنا في اللقاء. وأشار أنه يحاول خلال المظاهرات التي يشارك بها في هولندا والندوات التي يحضرها في مكاتب المنظمات الحقوقية أن يشعر المعتقلات اللاتي تعرضن للعنف الجنسي بأن صوتهن مسموع وأن عليهن البوح بمعاناتهن. ويضيف آملاً: "ربما أنجح في إقناع الفتيات بأن يحكين قصصهن ويلاحقن المجرمين لمحاسبتهم".

ويلوم في حديثه على اعتقاد بعض الناس في أن المرأة المعتقلة التي تعرضت للاغتصاب "عار" على أهلها ومجتمعها، ويقول إنه خلال لقائه بالمنظمات الحقوقية يوضح أن "المرأة في سورية تعتقل وتغتصب لأنها طالبت فقط في حقوقها المشروعة".

ويفرض النظام السوري تعتيماً كاملاً على ملف المعتقلين في سورية، ويرفض جميع الاتهامات التي توجه له حيال الانتهاكات التي تحدث للنساء والرجال في سجونه، بما فيها الاتهامات التي وجهها محققون مستقلون في الأمم المتحدة قالوا في تقرير لهم يوم الثامن من الشهر الماضي إن "الحكومة السورية متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تمثلت في الإبادة والقتل والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى والتعذيب والسجن والاختفاء القسرى". ويشير المحققون أن تقريرهم جاء بعد مقابلة عدد من الناجين في سجون النظام.

وليس لدى النظام أيضاً جهة يمكن لوسائل الإعلام العودة لها لعرض الشهادات التي تتحدث عن الانتهاكات في السجون السورية للحصول على رد، ويكتفي النظام في القول على لسان مسؤولين فيه يدلون بتصريحات بين الحين والأخر: "ليس لدينا انتهاكات في السجون".

ولا ينتهي تقرير المحققين الأمميين في الحديث عن العنف الانتهاكات في سجون النظام فقط، بل يشير إلى انتهاكات أخرى تحدث في سجون الأطراف الأخرى المتقاتلة في سورية مثل "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وهما تنظيمان يتستران أيضاً على ما يتعرض له المعتقلون في سجونهما من انتهاكات نفسية وجسدية.

يتحدى مازن ما مر به من مآسي ويقول إنه يتجاوز جميع المصاعب النفسية والجسدية التي تعرض لها، وختم حديثه بالقول: "منذ خمس سنوات وأنا أتحدث عن معاناة المعتقلين، قبل السجن، وفي السجن، وخارجه، لن يتملكني اليأس وسأجلب المجرمين إلى المحكمة يوماً ماً".



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved