كأي دولة من الدول، يدخلها الاحتلال، عانت سوريا من الاحتلال الفرنسي من عام 1920 وحتى عام 1946، ذاقت من خلاله هذه الدولة ما ذاقته من تفرقة عنصرية على أساس مذهبي وطائفي واقليمي.
سوريا التي لم تكن لتعرف حدوداً أو حواجز داخل تلك الرقعة من أرضها، من شمالها لأقصى جنوبها، ومن شرقها لغربها، باتت تعاني من أزمة الحدود التي فرقت أولاً بينها وبين لبنان، وثانياً بينها وبين دويلاتها الخمس الشديدي الاتصال بها.
وتنشر سيريانيوز وثيقة من متحفها، تظهر كيف كان يمتنع على الأشخاص نقل بضائعهم بين حدود الدولة الواحدة، إلا بعد أخذ جواز مرور بضائع، محدد المكان والمدة الزمنية.
ففي هذه الوثيقة الصادرة عن دولة العلويين، والتي كانت مدينة اللاذقية عاصمة لها، نلحظ أن السيد حقي شريتح باللاذقية قد أخذ إذن لنقل التبغ من مخزنه الكائن في ميناء اللاذقية، وحتى مستودع السيد محمد أديب شريتح الكائن بمحلة الصباغين بمدينة اللاذقية، ومهلة النقل هي 24 ساعة.
وقد ذكرت الوثيقة أن الحمولة المتكونة مما يزيد عن 4000 كغ من التبغ، قد تم دفع رسومها المالية ورسوم انتقالها من مكان إلى مكان ضمن دويلة العلويين نفسها، مع طابع مالي وتوشيح صادران عن دولة العلويين نفسها.
على هذا الحال كان يعيش السوريين، وعلى هذا الحال يعيش السوريون اليوم، فهم وبعد أن يطلعوا على هذه الوثيقة، سيجدونها شديدة الشبه بالوثائق التي يحملونها في سياراتهم، والتي تسمح لهم بتخطي الحواجز العسكرية والأمنية فيما إذا كانوا محملين أي نوع من أنواع السلع والبضائع، لينقلوها من مكان إلى آخر ضمن حدود الدولة نفسها.
إلا أن الأشد ازعاجاً اليوم، هو أن السوري بات يتوجب عليه أن يأخذ إذن مرور من الجهات المختصة، حتى لو كان يريد أن ينقل ماتبقى من أثاث بيته المهدوم جراء مايحدث في بلده، إلى مكان أكثر أمناً وأماناً له ولعائلته.